لغة تقع حيث تنتهي اللغاتالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2018-02-11 22:03:46

بدرية السويدان

السعودية

الكتاب: لغات الشعر

المؤلف: سعد البازعي

الناشر: المركز الثقافي العربي

سنة النشر:  2011

عدد الصفحات: 288  صفحة

 

"لغة تقع حيث تنتهي اللغات" هكذا يعرّف المؤلف لغة الشاعر، الشاعر الذي لا يُقيّد بلغة.. ولا تحكُمه الترجمة في نقل حروفه أو مشاركتها للآخر. الشاعر الذي لطالما كان مصدر تساؤلات عديدة، كيف أصبح من أعظم المؤثرين على المجتمع؟ ومن أين أتاه الإلهام ليحبك حبكة موزونة تبدأ بأوجاعه وتنتهي بقضايا مجتمعه؟ يجيب المؤلف على هذه التساؤلات بدءًا بمنطقٍ يفرّق به بين القصيدة والشعر.

ينقسم الكتاب إلى أربعة فصول، كل فصل بعنوان يضم تحته مختلف الشعراء عبر الزمن، حيث يقوم باستعراض جزء من أشعارهم وتحليلها. أعطى المؤلف القدر الكافي من البحث ليس فقط في معاني الشعر بل في ما وراء تلك المعاني من تحليل وتفصيل وبعد نظر في فهم حبكته. في كل نص شعري يستعرضه كان يؤكد أن للشاعر موهبة في صياغة الشعر قد تختلف من شاعر إلى آخر وقد تؤثر عليها تغيرات عديدة كالزعزعة الأمنية أو الاضطهاد ولكن على القارئ أن يُلم بأسباب كهذه حتى يستوعب مفهوم النص المقروء.

كما أطرق المؤلف إلى ترجمة الشعر، وكيف أنه قد يفقد شيئًا من وزنه ومعناه إذا لم يكن تحت يدي مترجم محترف ومتقن للّغة والشعر.. إذ أنه لم يقتصر على الشعر العربي أو الإنجليزي فقط، بل كان يحمل رسالة تشير إلى أن الشعر شعرًا في كل لغات العالم وأن للترجمة قيمة عظيمة ومتطلبات ليست بالبسيطة أو السهلة.

   الشعر الحديث والمعاصر أو ما يعرف بـ"شعر الحداثة" كان أحد أبرز المواضيع التي تطرق لها المؤلف في سطوره، والذي يميل إلى قصيدة النثر أو الشعر الحر الذي اشتهر مؤخرًا وأثبت أن له قيمة لا تقل عن الشعر الموزون.

قراءة كتاب واحد في الشعر لن تجعل منك فقيه به، الشعر لا يزال غامض ومدهش مهما سعيت إلى التعرف عليه، وعملية المعرفة تلك غير محصورة في القراءة فقط.. فللتأمل أهمية لا تقل عن أهمية القراءة والتقرّب إلى الشعر كما فعل الشاعر الإنجليزي و. هـ. أودن في إحدى قصائده في تأمل لوحة.

يمثّل الكتاب منهجًا يُدرّس في الشعر المترجم خاصة ومفهوم الشعر عامة، حيث أنه لم يضع حدودًا للشعر كاللغة أو الظروف الأخرى كالثقافة وغيرها، فالمعرفة تتيح لنا فرص التعرف ومواجهة ثقافة وتاريخ وأدب الآخر.. لم نُخلق شعوبًا وقبائل لنقلل من قيمة الثقافات الأخرى بل خلقنا لنتقبلها ونعترف أن كما للتشابه ميزة فللاختلاف ميزة لا تقل أهمية. "فما أحوجنا إلى فتح النوافذ على مختلف الجهات لا لكي تهبط الأشكال من خلالها فحسب وإنما لكي تهاجر بعض الأشكال أيضا إلى حيث تزدهر في حياة جديدة".


عدد القراء: 4034

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-