الطاقة الشمسية في المشرق والمغرب العربيالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2019-02-05 14:34:35

أ.د. يعرب قحطان الدُّوري

جامعة الشارقة، الإمارات العربية المتحدة

أ.د. يعرب قحطان الدُّوري

ليس مستغربًا أن يزداد الاستثمار العالمي في الطاقة الشمسية، ولكن المستغرب أن هذه الاستثمارات تقع خارج وطننا العربي، بلاد الشمس الساطعة. لقد سجل الاستثمار العالمي مستوى قياسيًا بلغ أكثر من 260 مليار دولار مع صعود الاستثمارات في الطاقة الشمسية بأكثر من الثلث. وتعتبر الولايات المتحدة الأولى عالميًا من حيث الاستثمارات في الطاقة النظيفة متفوقة على الصين وتعتبر الطاقة الشمسية المحرك الاساسي لنمو الطاقة النظيفة في العالم مع صعود الاستثمارات فيها بنسبة 36% إلى 136.6 مليار دولار(2). كذلك زادت الاستثمارات في أوروبا بحوالي 100 مليار دولار في حين قفزت في الهند إلى 10.3 مليار دولار وفي البرازيل إلى 8.2 مليار دولار وتهدف الصين زيادة نسبة استهلاكها للطاقة إلى 15% في نهاية سنة 2020. إن الاستثمار في الطاقة الشمسية في الوطن العربي ما يزال غير نشطًا علماً أن المنطقة العربية تحظى بموارد طاقة ضخمة كما رصدها تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية لسنة 2011(3). أما بالنسبة للطاقة الشمسية فهو أمر بديهي حيث في المنطقة العربية ضمن ما يسمى حزام الشمس حيث تتراوح مصادر الطاقة الشمسية في البلدان العربية بين 1460 و3000 كيلووات/ساعة/متر مربع/سنة. وتوقع تقرير اقتصادي وصول سوق الطاقة الشمسية إلى 134 مليار دولار سنويًا بحلول 2020 ،بزيادة نسبتها 51% عن العام الحالي، وذلك بفضل انخفاض أسعار ألواح الطاقة الشمسية، ما أدى إلى زيادة الإقبال على هذا المصدر المتجدد للطاقة. علاوة على ذلك، اُقترحت خطط لتوليد طاقة كهربائية شمسية في بلدان عربية للاستهلاك المنزلي والتصدير إلى أوروبا. فقد أسست مجموعة شركات تهدف إلى توليد نحو 550 ميغاوات من الكهرباء خلال السنوات الأربعين المقبلة. وأعلن صندوق التكنولوجيا النظيفة التابع للبنك الدولي عن تمويل بمبلغ أولي مقداره 5.5 مليار دولار. وهناك مبادرة هامة أخرى هي الخطة الشمسية المتوسطية المصممة لتطوير 20 ميغاوات من القدرة الكهربائية المتجددة بحلول 2020 جنوب البحر المتوسط.

ولزيادة تبني انتاج الطاقة المتجددة على نطاق واسع في البلدان العربية، هناك حاجة إلى حوافز وسياسات لبيع الطاقة المتجددة إلى الشبكة العامة وتخفيض أو إزالة الدعم عن الكهرباء والوقود الأحفوري(4). إن إزالة العوائق الحالية التي تحول دون التحول إلى نظام طاقة خضراء يتطلب ما يلي:

-  إصلاح الإطار التشريعي والمؤسسي الحالي لتسهيل الانتقال إلى اقتصاد أخضر.

-  توفير نظام حوافز يشجع الاستثمار في تكنولوجيات كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة.

-  تبني كفاءة الطاقة وإدارة الجانب المتعلق بالطلب والطاقة المتجددة كركن لسياسة طاقة جديدة.

-  تعديل أسعار الطاقة باستمرار لتعكس الكلفة الاقتصادية الحقيقية والندرة والكلفة الحدية الطويلة المدى والأضرار البيئية مؤديًا إلى زيادات كبيرة في الايرادات الحكومية.

-  البدء في مناقشة سياسية لصياغة آلية مؤسسية جديدة لضمان انسجام سياسات الطاقة والمناخ في المنطقة العربية.

ويتوقع أنه بحلول عام 2050 ستنخفض كلفة الطاقة الشمسية إلى سنتين وأربعة سنتات للكيلووات/ساعة(5) من 25 سنتًا حاليًا. ويتوقع الأمين العام للهيئة العربية للطاقة المتجددة أن يصل حجم الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة بالوطن العربي إلى 300 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030. كما تعتبر الأراضي العربية من أغنى مناطق العالم بالطاقة الشمسية ويتبين ذلك بالمقارنة مع بعض دول العالم الأخرى ولو أخذنا متوسط ما يصل الأرض العربية من طاقة شمسية وهو 5 كيلووات/ساعة/متر مربع/يوم وافترضنا أن الخلايا الشمسية بمعامل تحويل 5% وقمنا بوضع هذه الخلايا الشمسية على مساحة 16000 كيلومتر مربع في صحراء العراق الغربية لأصبح بإمكاننا توليد طاقة كهربائية تساوي 400x 104  ميغاوات – ساعة في اليوم، أي ما يزيد عن خمسة أضعاف ما نحتاجه فى اليوم في حالة فترة الاستهلاك القصوى،

أما تبرز مشكلة في مجالات استخدام الطاقة الشمسية هي وجود الغبار ومحاولة تنظيف أجهزة الطاقة الشمسية منه وقد برهنت البحوث أن أكثر من 50% من فعالية الطاقة الشمسية تفقد في حالة عدم تنظيف الجهاز المستقبل لأشعة الشمس لمدة شهر. أما المشكلة الثانية فهي تخزين الطاقة الشمسية والاستفادة منها أثناء الليل أو الأيام الغائمة أو الأيام المغبرة ويعتمد تخزين الطاقة الشمسية على طبيعة وكمية الطاقة الشمسية، ونوع الاستخدام وفترة الاستخدام بالإضافة إلى التكلفة الإجمالية لطريقة التخزين. والمشكـلة الثـالثة في استخدامات الطاقة الشمسية هي حدوث التـآكل في المجمعـات الشمسيــة بسبب الأمـلاح الموجودة في الميــاه المستخدمــة في دورات التسخــين وتعتبر الــدورات المغلقـة واستخـــدام مــاء خـال من الأملاح فيها أحسن الحلول للحد من مشكلة التآكل والصدأ في المجمعات الشمسية .وهنا نستعرض واقع الطاقة الشمسية وخططها في دول الوطن العربي(6).

1 - جمهورية العراق

يتمتع العراق بالكثير من المفاضلات البيئية في انتاج الطاقة الكهربائية وتحتاج إلى خطوات واسعة وجريئة في حل مشكلة الكهرباء التي أصبحت مستعصية فعليه يجب التوجه إلى البدائل ووضع استراتيجية محكمة. إن أهمية تسخير الطاقة الشمسية التي تزخر بها أجواء العراق في أغلب أشهر السنة، لبناء مدن تستمد طاقتها منها بالكامل ومن دون أي تأثير على البيئة من تلوث أو إشعاع ضمن الاتجاهات العالمية للاستعاضة عن الطاقة التقليدية، بالنظيفة والمتجددة، والتي قدرتها بـ 40 ألف وحدة من الطاقة سنويًا. وأن أحد أسباب اتجاه العالم لتطوير استعمال مصادر الطاقة المتجددة وخاصة الشمسية، يعود إلى التدهور البيئي وفقدان التنوع الاحيائي وتدمير النظام الطبيعي، وكذلك زحف التصحر المستمر على المساحات الخضراء، مقابل إصرار أغلب الدول الصناعية الكبرى رفض التوقيع على اتفاقية "كيوتو"(7) للحد من انبعاث الغازات المضرة بالبيئة، والتي اسهمت برفع درجات الحرارة في الأرض بشكل متسارع لذا لا بد من الاستفادة من أشعة الشمس لتوليد الكهرباء في تطبيقات عدة منها محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه. كما تتميز المدينة البيئية عمليًا وعلميًا، لجعلها نموذجًا يحتذى في الحفاظ على البيئة واستعمال الطاقة النظيفة منها:

ـ تهدف المدينة البيئية إلى تحقيق 100% من استعمال الطاقة المتجددة النظيفة، و0% من النفايات، من خلال تدويرها بنسبة 60% ليتم استخلاص طاقة نظيفة من احتياجاتها الكهربائية عن طريق الألواح الشمسية، علاوة على 75% من حاجتها من المياه الساخنة عبر مجمعات حرارية شمسية.

– تعطي شركات نظام الطاقة الشمسية للبيوت ضمانة 25 سنة للألواح الشمسية المستعملة في النظام وكذلك للنصب.

– تخصم الدولة من الضريبة المستحقة على المعامل والشركات بقدر انفاقها على نظام الطاقة الشمسية. والأسعار بنزول دائم نتيجة تقدم التكنلوجي لصناعة الألواح الشمسية(8).

وهناك جهود وطنية تعمل على مواكبة الانتاج العالمي وبكفاءة لا بأس بها من خلال إنتاج منظومة الري والسقي بالطاقة الشمسية أعلنت وزارة الصناعة والمعادن عن تصنيع منظومة ري وسقي تعمل بالطاقة الشمسية وتسهم بتوفيرها الطاقة الكهربائية والوقود، وإيصالها المياه إلى الأماكن الزراعية والأحزمة الخضراء المزمع تنفيذها في مدينة بغداد ومحافظات أخرى.

كما إنها انتجت منظومة الطاقة الشمسية ذات الاستعمال المنزلي التي توفر طاقة كهربائية بسعة 5  و 10 امبير وبخبرات عراقية 100% وذلك بهدف إيجاد الطرق المثلى لاستغلال الطاقة النظيف وتوليد الكهرباء بالاعتماد على الطاقة الشمسية في المنازل العراقية أكثر يسرًا من الدول الأخرى لأن المنازل العراقية أكثرها مساكن خاصة وليست شقق سكنية. كما طُرح 12 موقعًا في محافظات وسط وجنوب وغرب العراق للاستثمار الأجنبي والمحلي للطاقة الشمسية، بإنتاج 1000 ميغاوات في المرحلة الأولى. ثم يعمل على توسيع المشروع عبر الاستثمار بخطوات أبرزها أن تكون كلفة الكيلو واط الواحد المنتج من الطاقة الكهربائية بقيمة 3.5 سنتات، بطاقة 50 ميغاوات.

2 - المملكة الأردنية الهاشمية

 يستورد الأردن حوالي 97% من إجمالي احتياجاته من الطاقة، وبلغت كلفة الاستيراد للعام الماضي حوالي 4 مليارات دينار أردني، ما يشكل 20% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي. كما أن معدل النمو السنوي للطاقة الكهربائية 7.4% سنويًا، مع السعي لتوفير وتطوير مصادر طاقة محلية، من خلال تطوير استغلال الغاز الطبيعي والصخر الزيتي واليورانيوم، ودعم مشاريع الطاقة المتجددة، وتفعيل برامج كفاءة الطاقة. كما يملك الأردن رابع احتياطي في العالم من الصخر الزيتي، وتشير الدراسات إلى وجود أكثر من 70 مليار طن من الصخر الزيتي في الأردن، ما يعادل 7 مليارات طن من النفط. لقد أسس الأردن رؤية استراتيجية لوضع الطاقة خلال الفترة 2015-2025 للوصول الى الخيار الأمثل للتزود الآمن بالطاقة مع التركيز على زيادة مساهمة الطاقة المتجددة(9). كذلك أبدى الأردن اهتمامه في مجال التعدين السطحي للصخر الزيتي لإنتاج النفط، بهدف تسريع وتيرة تنفيذ مشاريع الطاقة البديلة، لا سيما الصخر الزيتي، وذلك للوصول إلى نسبة 14% في العام 2020. مع تخصيص أراضي جنوبي المملكة تتوزع في منطقتي معان والعقبة، لاستخدامها في إنشاء مشاريع طاقة شمسية. وللأردن مستقبل واعد لطاقة على المديين المتوسط والبعيد، بتفعيل صندوق الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة الحكومي حيث تم توقيع اتفاقية مع مؤسسة نهر الأردن لتنفيذ مبادرة نحو مجتمعات محلية، تساهم في ترشيد استهلاك الطاقة، حيث سيتم تركيب 5000 سخان شمسي في المنازل، ممولة من الصندوق.

كذلك توزيع 1.5 مليون مصباح موفر للطاقة للمنازل السكنية، التي يقل استهلاكها عن 600 كيلواط/ساعة، وبكلفة تصل إلى 5 مليون دينار، بالإضافة إلى تركيب 600 ألف مصباح موفر للطاقة في المباني الحكومية، وبكلفة تصل إلى 1.8 مليون دينار أردني. إن الأردن يسير على الطريق الصحيح للاستفادة من الطاقة البديلة، حيث تم أخيرًا توقيع 29 مذكرة تفاهم مع شركات عالمية لتطوير حوالي 1000 ميغاوات من مشاريع الطاقة المتجددة. إن العمل بالطاقة الخضراء سيخلق فرص عمل جديدة، وسيؤدي إلى إيجاد اقتصاد جديد من تلك الطاقة. كما لا بد من تجاوز العقبات المتمثلة بالبيروقراطية في وجه الاستثمارت في قطاع الطاقة المتجددة(10).

3 - جمهورية مصر العربية

تعتزم الحكومة المصرية إنشاء أول محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بطاقة 140 ميغاوات بتكلفة استثمارية تبلغ حوالي 870 مليون جنيه في منطقة الكريمات جنوب شرق القاهرة. ويعد هذا المشروع أحد أربعة مشاريع على مستوى العالم وضمن خطة قطاع الكهرباء والطاقة لتنمية استغلال الطاقات المتجددة صديقة البيئة. حيث ينتج المشروع عند تشغيله طاقة سنوية تقدر بحوالي 985 مليون كيلووات/ساعة مرفورًا باستهلاك الوقود بما يعادل 15 ألف طن بترول مكافئ وتسهم في الحد من انبعاث 38 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون. كما يسهم المشروع في خلق كوادر فنية قادرة على التعامل مع هذه التكنولوجيا وتعميق الخبرة الوطنية المكتسبة في مجال استغلال ثراء مصر الطبيعي من مصادر الطاقة الشمسية. كما قام قطاع الكهرباء في مصر في مجال الطاقة الشمسية بإصدار أطلس الشمس لحصر وقياس مصادر مصر من الطاقة الشمسية، ونظرًا لتوفير ساعات السطوح الشمسي فهناك العديد من تطبيقات التسخين الشمسي وتطبيقات الخلايا الجديدة والتي تعد من أفضل مصادر الطاقات المتجددة للاستخدام في المناطق النائية ذات الأحمال الصغيرة فضلاً عن إمكانية صيانتها وطول عمرها الافتراضي. حيث المخطط من ذات المشروع توليد 2800 ميغاوات ليكون بذلك منارة مصر للطاقة الكهربائية(11).

كما يوجد حاليًا مشروع تجريبي لتحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية، وباستخدام تقنية جديدة لتوفير الطاقة المستهلكة فى محطات التحلية، مما يساعد ذلك على خفض التكلفة بنسبة 50%، والتمكن من الاعتماد على المزيد من تحلية مياه البحر كمصدر بديل لمياه النيل فى المستقبل القريب. وأضاف إن طاقة إنتاج المياه حاليًا بمصر تصل إلى 25 مليون متر مكعب فى اليوم، وذلك من خلال نهر النيل والذى يعتبر المصدر الرئيسي للمياه، حيث يمثل 82% من إجمإلي إنتاج المياه، بينما تمثل المياه الجوفية 17.5%، لافتاً إلى أن المياه التي يتم تحليتها تمثل 0.5% من إنتاج المياه. وستصل حاجة مصر من المياه المحلاة في العام 2022 إلى 200 ألف متر مكعب يوميًا بتكلفة 2.6 مليار جنيه، وسيتم زيادة هذه الطاقات الإنتاجية من تحلية مياه البحر لتصل عام 2037 إلى مليون متر مكعب يوميًا، بتكلفة إجمالية تصل إلى 10 مليار جنيه مصري، وذلك وفقًا للتكنولوجيات المتاحة حاليًا، حيث تصل تكلفة إنشاء محطات التحلية إلى 10 آلاف جنيه للمتر المكعب الواحد، فيما تصل تكلفة التشغيل والصيانة إلى 3.5 جنيه، وتكلفة الإهلاك 3 جنيه للمتر الواحد أيضًا. حيث جاءت فكرة الاعتماد على تحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية بناء على ما مقترحات قيمة لتقليل التكلفة إلى النصف تقريباً(12). من جانب آخر، يُتوقع أن ترتفع أسعار العقارات في مصر بنسبة تصل إلى 25% خلال الفترة المقبلة، بسبب ارتفاع أسعار الطاقة التي تدخل بكثافة في صناعة العديد من مواد البناء، لذا فاستخدام الطاقة البديلة سيسهم بشكل أو بآخر في ظاهرة الحد من ارتفاع أسعار العقارات خصوصًا إذا ساهم في حل مشكلة التلوث وتوسعة الثقافة بين الجميع.

4 - جمهورية تونس

تستعد منطقة قبلي، 650 كيلومترًا جنوب العاصمة التونسية، لاستقبال أضخم مشروع من نوعه في مجال إنتاج الطاقة الشمسية. وتعتزم الشركة البريطانية «تو - نور» بناء أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم على مساحة لا تقل عن 25 ألف هكتار في منطقة رجيم معتوق الصحراوية، وبتكلفة مالية مقدرة بنحو 5 مليارات يورو. ومن المنتظر تصدير جزء من الطاقة الكهربائية المنتجة من تونس إلى عدة دول أوروبية مجاورة، كما سيمكن المشروع من توفير أكثر من 10 آلاف فرصة عمل. حيث سيهدف هذا المشروع إلى تزويد مليوني منزل بالطاقة الكهربائية، أحد أكبر مشروعات الطاقة في العالم. إن مشروع المحطة الشمسية الضخمة يهدف لتزويد كل من مالطا وإيطاليا وفرنسا بالكهرباء المنتجة في تونس، وذلك باستعمال عبر كابلات ربط بحرية خاصة بين ضفتي المتوسط. وستبدأ أعمال البناء في محطة الطاقة الشمسية المنتظر إنجازها في الصحراء التونسية بحلول عام 2019، وذلك بعد استيفاء كل مراحل المشروع من دراسات فنية ومردودية اقتصادية تفصيلية، إضافة إلى تحديد حصة تونس من إنتاج الكهرباء. ويتضمن المشروع إنشاء محطة لإنتاج 4.5 غيغاوات من الكهرباء عبر استغلال الطاقة الشمسية المتوفرة على مدار السنة في المنطقة الصحراوية. وسيتم تركيز أكثر من 18 ألف مرآة متحركة لتتبع حركة الشمس وامتصاص الطاقة وإنتاج الكهرباء. ولا تزيد المساهمة الحالية للطاقات المتجددة في إنتاج الكهرباء في تونس عن 3%، وتسعى تونس من خلال هذه المشاريع، لزيادة مساهمة الطاقات المتجددة في إنتاج الكهرباء، وتحقيق نسبة 12% مع نهاية سنة 2020، ورفع تلك النسبة إلى حدود 30% سنة 2030، وهو ما يتطلب إجمالي استثمارات لا تقل عن 7.5 مليار دولار أمريكي(13)، كما أن البحث عن مصادر بديلة لإنتاج الطاقة بعيدًا عن النفط والغاز والفحم الحجري سيحد من العجز في ميزانية الدولة.

5 - الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية

تسعى الجزائر للحد من تبعيتها للنفط والغاز الطبيعي، حيث تراهن هذه المرة على برنامج إنتاج الطاقة الشمسية نظرًا للمخزون الشمسي المتوفر في الجزائر ومساحاتها الشاسعة بمخطط إنتاج وتوزيع 4000 ميغاوات من الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية إلى تمكين البلاد من إنتاج 27% من طاقتها الكهربائية مستقبلاً. حيث يوجد البرنامج الوطني لتطوير الطاقات المتجددة، والذي يهدف إلى إنتاج 22 ألف ميغاوات بحلول 2030، ويتزايد اهتمام الحكومة الجزائرية بمشاريع الطاقة الشمسية بسبب المخاوف من تراجع مخزون العملات الأجنبية، خاصة بعد انهيار أسعار النفط والغاز في السنوات الثلاثة الأخيرة، حيث يشكلان 95% من صادرات الجزائر و60% من الموازنة العامة سنويًا، فالطاقة الشمسية لا تنضب ويمكن التحكم في تكاليفها وتطوير البدائل التي تسمح باستخدام أمثل للقدرات المتاحة(14).

وتتطلع الجزائر إلى توفير نحو 22000 ميغاوات من الطاقة الخضراء في الفترة 2035 لغاية 2040. وسيقسم المشروع إلى أربع حصص بطاقة 1350 ميغاوات لكل واحدة، بالإضافة إلى بناء مصنع أو عدة مصانع لصناعة تجهيزات ومعدات محطات الطاقة الشمسية، حيث تقرر إنتاج 4 آلاف ميغاوات من الطاقة الشمسية العام المقبل وذلك للتخفيف من الاستهلاك الكبير للكهرباء وتغطية الطلب الوطني. وتمتلك الجزائر ثروة كبيرة من الطاقة الشمسية، حيث تستفيد من 2000-3000 ساعة من إطلالة الشمس، مع وجود إمكانية إنتاج 2500 كيلووات/مترمربع، أما القدرات الشمسية الحرارية، فإنها تمثل خزانًا معتبرًا، حيث تعادل نسبة مضاعفة 10 مرات الاستهلاك الطاقوي على المستوى الدولي ،وبينت أحدث الدراسات العالمية عن الطاقة الشمسية، إن الجزائر من بين أحسن ثلاثة حقول شمسية في العالم(15).

6 - المملكة المغربية

تم افتتاح محطة (نور 1) للطاقة الشمسية في منطقة ورزازات الواقعة في جنوب شرق المغرب، وهي المرحلة الأولى ضمن مشروع هو الأكبر من نوعه في العالم. والذي يعتمد مساحة تناهز 480 هكتارًا على أساس تكنولوجية الطاقة الشمسية الحرارية، بألواح لاقطة مقعرة وقدرة تخزين لثلاث ساعات في كامل قوتها. وتطلب إنجاز (نور 1) استثمارات بقيمة 7 مليارات درهم. إن هذا المشروع يساهم في تنويع الباقة الطاقية الوطنية، وينسجم تمامًا مع تحسين استغلال الموارد الطبيعية للمغرب وحماية بيئته والعمل على استدامة نموه الاقتصادي والاجتماعي، وضمان مستقبل الأجيال المقبلة. وتعتبر أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة ذات المولد الأحادي في العالم بقدرة إنتاجية قدرها 160 ميغاوات، يعد خطوة هامة في تنفيذ المشاريع الكبرى للطاقات المتجددة، والتي تواكب الهدف المتمثل في رفع حصة المصادر المتجددة في الباقة الكهربائية الوطنية من 42% في 2020 إلى 52% في 2030. وسيساهم هذا المشروع التنمية الشاملة للمغرب. حيق يحوي المشروع نصف مليون من المرايا العاكسة. ويتوقع ان تنتج نحو 160 ميغاوات من الكهرباء. وبعد تطوير المشروع لاحقًا سينتج 580 ميغاوات من الكهرباء وإمداد مليون منزل بالطاقة النظيفة بقيمة استثمارية تبلغ تسعة مليارات دولار والتي تستورد 94% من احتياجاتها من الطاقة، وتطمح إلى تغطية 42% من هذه الاحتياجات عبر إنتاج الطاقة الشمسية بحلول العام 2020. كما سيتم تطوير محطة (نور 2)، بكلفة 810 مليون يورو التي تبلغ قوتها 200 ميغاوات وقدرة تخزين تقدر بثماني ساعات كحد أدنى، بناء على تكنولوجيا الطاقة الشمسية الحرارية، بألواح لاقطة مقعرة، حيث ستمتد على مساحة قصوى تصل إلى 680 هكتارًا. أما محطة (نور 3)، بكلفة 645 مليون يور، فستعزز الريادة التكنولوجية للمغرب في مجال الطاقة الشمسية الحرارية، حيث ستبلغ قوتها 150 ميغاوات بنحو 8 ساعات تخزين أيضًا. وتعد هذه التكنولوجيا بأداء أفضل. وستجعل هذه المشاريع المندمجة من محطة "نور-ورزازات" أكبر موقع لانتاج الطاقة الشمسية في العالم بطاقة انتاجية تقدر ب 580 ميغاوات وبإجمالي استثمارات يقدر ب 24 مليار درهم(16).

 كذلك يعمل المغرب على إنتاج أول محطة حرارية تعمل بالطاقة الشمسية، حيث تعتبر الأولى وتفوق قيمتها 600 مليون يورو، وستسمح بتوليد 160 ميغاوات. وإن المشاريع الطموحة ترمي إلى إنتاج 2000 ميغاوات من الطاقة الشمسية بحلول عام 2020. والمغرب الذي لا يتمتع باحتياطات كبيرة من المحروقات حدد لنفسه هدفًا يكمن في تغطية 42% من حاجاته بواسطة الطاقات المتجددة بحلول 2020. وبإنجاز المخطط المغربي للطاقة الشمسية، سيصبح المغرب فاعلاً مرجعيًا على مستوى الطاقة الشمسية، وذلك لعدة اعتبارات تهم بالخصوص مساهمة الطاقة الشمسية في الاستجابة للطلب المتزايد على الطاقة المترتب عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها المملكة، فضلاً عما سيكون لهذا المشروع من وقع إيجابي على تطوير برامج أخرى تتعلق بالأساس بالتكوين والتخصص التكنولوجي والبحث والتطوير وتأهيل صناعة شمسية مندمجة وإمكانية تحلية مياه البحر(17).

وتجدر الإشارة إلى وجود مشاريع بسيطة في سوريا ولبنان وفلسطين وليبيا وموريتانيا والسودان وجيبوتي والصومال واليمن، وقفت الظروف عائقاً أمامها.

 

هوامش البحث:

(1) البريد الإلكتروني: yaldouri@yahoo.com

(2) مجد جرعتلي، أين الوطن العربي من الاستثمار في الطاقة الخضراء، دراسات خضراء، http://green-studies.com

(3) تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية، المنتدى العربي لبيئة والتنمية، 9/11/2011، http://www.afedonline.org/ar

(4) إيهاب صلاح الدين، الطاقة وتحديات المستقبل، المكتبة الاكاديمية، مصر، 1994.

(5) قضايا الثقافة البيئة والعمران، أوراق ووقائع أعمال مؤتمر "عمان: واقع وطموح" المنعقد في المركز الثقافي الملكي، عمان، 27-29 حزيران 1995.

(6) اتفاقية كيوتو (Kyoto Protocol) تمثل خطوة تنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي  (UNFCCC or FCCC)، وهي معاهدة بيئية دولية خرجت للضوء في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية (UNCED)، ويعرف باسم قمة الأرض الذي عقد في ريو دي جانيرو في البرازيل، 5-14/6/1992. هدفت المعاهدة إلى تحقيق تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوى يحول دون تدخل خطير من التدخل البشري في النظام المناخي.

(7) المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة يحفز استخدام الطاقة الشمسية الفوتوفلطية بالعراق، http://www.rcreee.org/ar

(8) استراتيجية قطاع الطاقة للفترة 2015-2025، وزارة الطاقة والثروة المعدنية، الأردن، 13/1/2015

(9) ماجدة أبو طير، الأردن رائدة عربيا في استغلال الطاقة الشمسية، جريدة الدستور، العدد 18584، 3/9/2016

(10) محمد منير مجاهد، مصادر الطاقة في مصر وآفاق تنميتها، المكتبة الأكاديمية، مصر، 2014

(11) علي محمد عبدالله، الطاقة المتجددة، وكالة الصحافة العربية (ناشرون)، مصر، 2015

(12) الطاقات المتجددة كمدخل لتحقيق التنمية المستدامة في الجزائر: دراسة لواقع مشروع تطبيق الطاقة الشمسية في الجنوب الكبير بالجزائر، مركز تنمية الطاقات المتجددة، 2012 ، https://www.cder.dz

(13) جمعة بن علي بن جمعة، الأمن العربي في عالم متغير، مكتبة مدبولي، مصر، 2010


عدد القراء: 5679

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-