10 قواعد للتغيير لازدهار الأمم وانحطاطها

نشر بتاريخ: 2017-08-11

فكر – المحرر الثقافي:

 

الكتاب: "ازدهار الأمم وانحطاطها، عشر قواعد للتغيير في عالم ما بعد الأزمة"

تأليف: روشير شارما

الناشر: نورتون، نيويورك ــ 2016

الصفحات: 480 صفحة

القطع: المتوسط

 

انطلقت الأزمة العالمية المالية والاقتصادية الكبرى الأخيرة في خريف عام 2008 من الولايات المتحدة الأمريكية. ثمّ انتشرت إلى مختلف أصقاع العالم وولّدت تباطؤاً في اقتصاد مختلف البلدان.

وحيث إن آثارها لا تزال ماثلة حتى اليوم. وليست قليلة هي الأصوات التي رأت أن العالم بعد هذه الأزمة لم يعد كما كان وأن آليات تغيير أنماط الفكر والعمل الاقتصادي أصبحت تتطلّب، في عالم ما بعد الأزمة، اللجوء إلى آليات جديدة... في ظل العولمة القائمة.

وإذا كانت هناك عوامل عديدة تساهم في صنع ثروة هذا البلد أو ذاك في اتجاه زيادتها أو انحدارها، فإن الاقتصادي الهندي "روشير شارما"، أحد الكوادر العليا في بنك مورغان ستانلي وصاحب العديد من المؤلفات، يكرّس كتابه الأخير لشرح ما يصفه بـ"القواعد العشر للتغيير في عالم ما بعد الأزمة". يحمل الكتاب العنوان الرئيسي التالي: "ازدهار الأمم وانحطاطها".

وفي الواقع يحاول مؤلف هذا الكتاب عن "ازدهار الأمم وانحطاطها" أن يجيب على السؤال الأساسي التالي: ما الذي يحدد إذا كانت البلدان قد نجحت أم فشلت ؟. وهو يحاول تحديد ذلك تبعًا لمجموعة من القواعد المأخوذة من وقائع ومن مشاهدات وحكايات عاشها أثناء جولته الكبيرة لمجموعة كبيرة من البلدان.

وإذا كان مؤلف هذا الكتاب يعتبر القواعد التي يقدّمها لتنشيط آلية عمل الاقتصاد وبالتالي زيادة الثروة ضرورية بالنسبة لجميع بلدان العالم في فترة ما بعد الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الكبرى الأخيرة فإنه يعتبرها "لازمة ولا بدّ منها بالنسبة لبلاده، الهند" التي هزّتها الأزمة بعمق، كما يشرح.

كما يرى أنها ضرورية بالنسبة لبقية بلدان العالم أيضًا، وخاصّة الصاعدة منها والتي يدرس المؤلف آليات "صعودها الاقتصادي الكبير والسريع" و"آليات تباطؤه"..

تجدر الإشارة أن المؤلف يقدّم الكثير من «المقارنات» بين البلدان وعلى وزن التاريخ في بناها الاقتصادية حيث يرى أن هناك فرقًا كبيرًا بين "استراليا" التي يمثّل مكوّن الهجرة أحد مقوماتها على عكس اليابان الجزيرة المعزولة تاريخيًا عن موجات الهجرة.

إن "روشير شارما" يسلّط الضوء على عدد من نقاط الضعف الأساسية التي تعاني منها الاقتصادات الحديثة من "الفساد" إلى "ضعف القطاع الصناعي" ليؤكّد أن "بلادًا نشيطة ــ ديناميكية ــ لا تضع العصي في عجلات الشركات والمؤسسات الخاصّة".

لكنه ينبّه بالتزامن مع ذلك أن "ازدهار طبقة من أصحاب المليارات السيئين يمكن أن يحطّم النمو الاقتصادي ويغذّي الغضب الذي شكّل تربة خصبة لانتعاش النزعات الشعبوية ـ التي تلعب على المشاعر الشعبية". وبالتالي يمكن أن يشكّل ذلك خطرًا على النمو الاقتصادي.

يؤكّد شارما على قاعدة مهمة للنمو الاقتصادي وهي أن "الإصلاح السياسي ضروري من أجل النجاح الاقتصادي".

ويشرح أن بلدان العالم التي تتسم بتعاظم ظاهرة التباين الاجتماعي والفساد هي التي يمكن أن تعرف تباطؤا اقتصاديًا لاحقًا. تتم الإشارة في هذا السياق أن عددًا من البلدان، في عدادها "روسيا في ظل بوتين" و "تركيا ــ اردوغان" و"زمبابوي في ظل موغابي"، كانت قد بدأت "مسارًا واعدًا" ولكنها "قد تعاني من ظاهرة الفساد" على المدى الطويل مما قد يشكلّ خطرًا حقيقيًا عليها.

وقاعدة ثالثة في النمو الاقتصادي يتم تحديدها بالقول إن تدخّل الحكومات كثيرًا في الاقتصاد يمكن أن تكون له آثاره السلبية الكبيرة على المدى الطويل. المثال الذي يتعرّض له المؤلف بالتحليل هو الصين الصاعدة اليوم، حيث يبيّن أن هناك "إشكاليات حقيقية" تواجه هذه البلاد. ويصل في هذا السياق إلى نتيجة أساسية يعبّر عنها بـ "التشاؤم حول مستقبل الصين".

ومؤشّر هام يعتبره المؤلف ذا أهميّة بالغة بالنسبة للمستقبل الاقتصادي لمختلف البلدان وهو "تنشيط الاستثمار في القطاع الاقتصادي". والتركيز أيضًا على أهميّة "التمتع بمستوى تضخّم" قليل ومتناسق" من أجل دعم "النمو الاقتصادي". وأهمية أيضًا التمتع بـ"عملة ثابتة" على اعتبار أنها "عامل إيجابي بالنسبة للنمو الاقتصادي" للبلدان المعنيّة بها.

والتحذير بالمقابل من "زيادة الديون بتسارع يفوق إيقاع إجمالي الانتاج الداخلي العام على فترة زمنية تتجاوز الخمس سنوات". ويعتبر المؤلف أن هذا المؤشّر له دلالته على "صحّة الاقتصاد". مع الإشارة أن اليابان كانت قد عاشت "معركة طويلة ومؤلمة" مع التضخّم.

كما يشرح على مدى العديد من الصفحات الدور الذي لعبته سياسات "البنك الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الأخرى" في نشوب الأزمة المالية العالمية في خريف عام 2008. تلك الأزمة التي عرّفت "مختلف بلدان العالم تباطؤا في نموّها الاقتصادي"، حسب التحليلات المقدمة.

وبناء على القواعد والمؤشرات الـ10 التي يقدّمها مؤلف ها الكتاب يخلص إلى نوع من التصنيف للبلدان ذات الاقتصاد الجيّد وذات الاقتصاد الضعيف. وهو تصنيف لا يتماشى مع الصورة السائدة اليوم. هكذا نجد في عداد البلدان ذات الاقتصاد "الواعد" الولايات المتحدة وألمانيا والهند وباكستان وفيتنام. أما البلدان ذات الاقتصاد الأكثر ضعفًا فهناك روسيا والصين وكندا وفرنسا وأستراليا.

وما يتم تأكيده في هذا الكتاب بأشكال مختلفة هو أن "النجاح الاقتصادي" فيما بعد الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الكبرى التي انطلقت في خريف عام 2008 ممكن. لكن هذا "النجاح" يحتاج بالضرورة إلى "تغيير جذري في الذهنيات".

يركّز شارما على أهمية "الرصد الدقيق" لمختلف اشكال التبدّل الاقتصادي، ولكن أيضًا السياسي والاجتماعي، من دون إبطاء في زمن وقوعها. ويقوم بنوع من "الدليل" لمساعدة المعنيين بكيفية "قراءة" ما يجري حولهم من توجهات في مختلف الميادين ومسار تطوّر "الأسواق السوداء" و"تغيّر الأسعار" ومختلف الظواهر الأخرى باعتبارها مؤشرات على التبدّلات التي تعرفها فترة ما بعد الأزمة. من هنا يبدو هذا الكتاب بمثابة "دليل على مؤشرات الاقتصاد العالمي اليوم".

قيمة البشر

إن أهم القواعد ــ المؤشرات الاقتصادية التي تدفع هذا البلد أو ذاك للنجاح والفشل التي يكرّس لها المؤلف كتابه يحددها، بما يلي: "البشر لهم قيمتهم". هذا بمعنى أنه من النادر أن يتطوّر الاقتصاد دون تنامي عدد السكان القادرين على العمل.

وتدلّ الإحصائيات المقدّمة أنه في البلدان التي يقلّ معدّل النمو السكاني السنوي للقادرين على العمل فيها عن 2 بالمائة كان معدّل النمو الاقتصادي السنوي "تاريخيًا" عند 1.5 بالمائة.

المؤلف في سطور

روشير شارما هو اقتصادي هندي. مختص بالعلاقة بين السياسات العامّة والاقتصاد. يعمل رئيسًا للاستراتيجيات الاقتصادية والتسويق في بنك مورغان ستانلي. يساهم بالكتابة في العديد من الدوريات المختصّة على الصعيد العالمي.


عدد القراء: 3147

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-