عاصفة اقتصادية تدخل الغارديان سوق الصحافة المريضة

نشر بتاريخ: 2016-01-28

فكر – الرياض:

لم تجد صحيفة الغارديان البريطانية حلا لخسائرها المالية المتواصلة سوى اللجوء إلى تخفيض النفقات وفصل ما لا يقل عن مئة موظف بعد هروب المعلنين إلى الإنترنت، الوسيلة الأجدى لإيصال منتوجاتهم من المطبوعات الورقية.

ستضطر صحيفة الغارديان البريطانية إلى الانحاء للعاصفة الاقتصادية التي تعاني منها السوق المريضة في بريطانيا، بتخفيض نفقاتها 20 بالمئة، وهو ما يشمل الاستغناء عن بعض الموظفين.

وذكرت صحف بريطانية أن التخفيضات ستتم على مدى ثلاث سنوات بعد انخفاض نسبته 25 بالمئة في عائدات الإعلانات من النسخة الورقية وتضاؤل الاشتراكات في الصحيفة وهروب المعلنين إلى الإنترنت، الوسيلة الأجدى لإيصال منتوجاتهم من المطبوعات الورقية.

وذكرت صحيفة “ذي تايمز” أن هذا سيضطر الغارديان إلى صرف نحو مئة موظف وتوقعت “ديلي تلغراف” أن تعلن الصحيفة قرارها في مارس.

وأبلغ مسؤولون في الغارديان، الصحافيين خلال اجتماع بأن المجموعة تخطط لتخفيض نفقاتها بنحو 54 مليون جنيه إسترليني (77 مليون دولار) لتصحيح أوضاعها خلال ثلاث سنوات بعد تسجيل خسائر بقيمة مماثلة خلال السنة الماضية.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن استثمرت الشركة الناشرة لتطوير العلامة التجارية في الولايات المتحدة وأستراليا تم خلالها توظيف قرابة 500 شخص على ثلاث سنوات ليبلغ عدد موظفيها 1960 شخصًا.

وأدى تراجع الإعلانات وبطء زيادة عائدات النسخة الإلكترونية إلى تقليص رأسمال المجموعة من 838 مليون جنيه إسترليني إلى 735 مليونا خلال سنة.

وقال رئيس المجموعة ديفيد بمسل إن “زيادة النفقات بشكل أكبر من العائدات غير ممكنة بكل بساطة” ولخفض النفقات لم يستبعد نقل مقر المجموعة من موقعها الحالي قرب محطة كنغز كروس.

ونوّه بمسل “نحن بصدد اتخاذ إجراءات حاسمة لرفع عوائدنا والتقليل من نفقاتنا لمواجهة التراجع الحاد في سوق الصحافة المتقلبة حتى نتمكن من الحفاظ على استمرارية الصحافة التي تقدمها الغارديان إلى الأبد”.

وقبل فترة أعلن بمسل في مذكرة داخلية عن نية الغارديان اتخاذ إجراءات “توفيرية حادة في ظل تباطؤ المبيعات الإعلانية الأخيرة”.

ورجّحت مصادر من داخل الصحيفة البريطانية العريقة أن تشمل هذه الإجراءات “الاستغناء عن عدد كبير من الموظفين”. ولفت بمسل في مذكرته إلى أنه من الضروري التخلي عن “التوظيفات الجديدة، والرواتب، والسفرات المكلفة..”.

وفي النص الذي تلقاه الموظفون، تطرق المدير التنفيذي إلى المراجعة الاستراتيجية التي أطلقها بالتعاون مع رئيسة التحرير كاثرين فاينر “سنفعل كل شيء لخلق توازن، ما يعني أننا سنتمكن من خلق مسافة مالية كافية للمناورة، وبالتالي المضي في الاستثمار بمجالات للنمو”.

وتأتي هذه الإجراءات في عام قاس يواجه أغلب الصحف البريطانية. وقالت الغارديان إن “العوائد من صناعة الإعلانات انخفضت في المملكة المتحدة بنسبة 25 بالمئة خلال العام الماضي، بينما لم تهبط سوق الإعلانات الرقمية بهذه الحدة”

ولا يزال الدخول إلى موقع “غارديان” مجانيًا لكن الشركة تفكر في فرض رسم اشتراك شهري مستقبلاً على بعض المحتوى. ورفضت إدارة الصحيفة التعليق على الأخبار المتعلقة بتقليص عدد الوظائف.

وقالت مجموعة نيو كورب الإعلامية، التي تمتلك صحف وول ستريت جورنال وتايمز أوف لندن وصنداي تايمز وذا صن البريطانية، في أحدث تقاريرها، إن عوائد الإعلانات في صحف المملكة المتحدة تراجعت بالملايين من الجنيهات الإسترلينية في الربع الأخير من العام. وعانت صحيفة ذا صن أكبر الخسائر.

وكانت الغارديان قد نقلت مؤخرًا عن مدير التسويق في إحدى شركات الإعلانات الكبرى القول “وصلنا إلى لحظة مصيرية، حيث لم يعد شراء الإعلانات في الصحف المطبوعة مجديًا. المشكلة ليست في المؤسسات الصحفية الورقية، لكن لا بد من التركيز على حجم الإنفاق الذي يحقق سرعة الوصول ونوعيته، وطبيعة الجمهور”.

ونوّهت إلى أن الوقت حان لدق ناقوس الإنذار في سوق الإعلانات بالصحافة الورقية البريطانية، خاصة أن المشكلة تفاقمت وباتت تهدد عائدات الإعلانات الرقمية التي لطالما كان يُعتمد عليها لاستبدال انخفاض إيرادات الإعلانات المطبوعة.

ووجه بمسل إصبع الاتهام إلى شركتي غوغل وفيسبوك، وقال إن “عمالقة الإنترنت يستحوذون على الإعلانات الرقمية بوتيرة أسرع بكثير مما كان متوقعًا”.

وعلى الرغم من أن التأثيرات السلبية لأزمة الإعلانات ليست واضحة بشكل كبير على الشبكة العنكبوتية، إلا أن المخاوف من زيادة سوء الأحوال في تزايد مستمر.

وهذه الأزمة انعكست بشكل مباشر على الصحافيين وتجلت في انعدام الفرص المهنية أمامهم وانخفاض الأجور، وتهرب الشركات من أداء مستحقاتهم وتعويضاتهم المالية.

وقد أعلنت النقابة الوطنية للصحافيين في بريطانيا أن صحافيي “فايننشال تايمز″ صوتوا لصالح إضراب لمدة 24 ساعة هو الأول منذ 30 عامًا، احتجاجا على الإضرار برواتبهم التقاعدية. وقالت النقابة، الثلاثاء، إن “الصحافيين في فايننشال تايمز يستعدون لإضراب مدته 24 ساعة هو الأول منذ 30 عاما، بعد فشل المفاوضات مع الإدارة بسبب رفضها الوفاء بالتزاماتها حيال الرواتب التقاعدية نتيجة بيع الصحيفة لمؤسسة نيكاي”.

ووفقًا لمتحدث باسم النقابة فإن الإضراب المقرر سيكون، الأسبوع المقبل، على أن يحدد موعده في وقت لاحق.

وباع الناشر البريطاني بيرسون فايننشال تايمز، العام الماضي، إلى نيكاي اليابانية. وتؤكد النقابة أن الإدارة لم تقم بالإيفاء بالتزاماتها نتيجة عملية البيع، ما قد يؤدي إلى “تبخّر” أربعة ملايين جنيه إسترليني مأخوذة من صندوق تقاعد الصحيفة لدفع إيجار المبنى الذي ما يزال يملكه بيرسون.


عدد القراء: 2400

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-