لصوص الكتب.. «البرجوازية الصغيرة»


مجلة فكر الثقافية:

لصوص الكتب، من لا يعرف هؤلاء، طلبة، قراء، كتاب وغيرهم ممن دفعتهم رغبة المعرفة وخواء الجيب إلى مجازفة السرقة، ولكنها ليست أي سرقة، إنها كما يراها الكثيرون "السرقة الشرعية"، حيث يمثل لصوص الكتب فئة هامة من القراء، لكنهم اليوم اختفوا بشكل لافت، وكأن اختفاءهم إنذار بنكوص المعرفة الذي بات واقعاً ملموساً.

تشكل ظاهرة لصوص الكتب هماً مثيراً للقلق في الغرب غير أن الظاهرة عالمية، وليست وليدة اليوم وإن كانت تتصاعد لتفرض نفسها على الصحافة الثقافية في دول عدة.

وفيما تتزايد ظاهرة الاستعانة بكاميرات المراقبة للحد من ممارسات سرقة الكتب من المكتبات في بلدان الغرب كبريطانيا تحدث بعض أصحاب المكتبات والناشرين عن أسباب اختفاء عناوين كتب بعينها من أرفف المكتبات فيما استدعوا ذكريات لحالات غريبة لمدمني سرقة الكتب.

في ثمانينيات، وحتى تسعينيات القرن الماضي، كانت المكتبات ومعارض الكتاب، على وجه التحديد، مزارًا شبه مستباح لفئة عريضة من لصوص الكتب، وهؤلاء ينتمون في غالبيتهم إلى ما اصطلح على تسميته في القاموس الماركسي بـ"البرجوازية الصغيرة" أي صغار الموظفين والطلبة، وعموم المهتمين بالكتاب والمؤمنين بدوره كوسيلة تثقيف وتغيير بل وحتى إكسسوار لتأثيث مكتبة يتباهى بها الواحد في صالون بيته، أيام كان التعلق بالكتاب جزءًا من وجاهة اجتماعية مطلوبة.

عوّل مفكرون ومنظرون على هذه الشريحة المتوسطة من المجتمع على اعتبارها الفئة الوحيدة التي تقتني الكتاب، وتشكل وعيًا طبقيًا قد يحدث تغييرًا ما في بنية المجتمع والدولة.

يُخفي معظم مرتادي المكتبات ومعارض الكتب العربية ذكرياتهم عن كتب سرقوها، أو عن طريقة «لطشها»، فيما يشكو باعة الكتب من ازدياد حدّة هذه الظاهرة، من دون أن يجدوا وسيلة للتغلّب عليها، فاضطروا إلى التعامل معها بوصفها ضريبة إجبارية. هناك حكايات لا تُحصى عن سرقة الكتب، ليس بين القرّاء المجهولين فقط، وإنما بين الكتّاب أنفسهم، إذ لا تخلو مكتبة شخصية من كتاب تسلل إليها عن طريق خفّة اليد أو الاستعارة الملغومة.

في كتابها «الرجل الذي أحبّ الكتب كثيرًا» (2010)، تقتفي الكاتبة الأمريكية أليسون هوفر بارتليت أثر المدعو جون جيلكي، أشهر قراصنة الكتب النادرة في أمريكا، وتجري معه حوارًا عن هوسه بسرقة الكتب، الهوس الذي قاده إلى السجن أكثر من مرّة، من دون أن يشعر بالذنب. كما تتعرّف إلى أحد ضحاياه، وهو صاحب مخزن للكتب النادرة يُدعى كين ساندرز الذي تحوّل إلى رجل مباحث هاوٍ بقصد القبض على هذا المجرم. هكذا سنقع على قصة حقيقية عن سارق كتب متسلسل، وصاحب مخزن للكتب النادرة، في مطاردة محتدمة، تشبه لعبة القط والفأر. لا تكتفي أليسون بارتليت بهذه الحبكة البوليسية، إنما تنهمك بتوثيق تاريخ سرقة الكتب عبر العصور وجمعها، والتنقيب عن سرّ هذا الشغف أو العشق، وسحر عمل الحواس في الرؤية واللمس والشّم. يعترف جون جيلكي أنه مهووس بسرقة الكتب النفيسة، بإغواء النقوش، والحواف الخشنة للصفحات، الطبعات الأولى النادرة، من دون أن يهتمّ بقراءتها (جرّبت أن أقرأ رواية «لوليتا» لنابوكوف، ولم أكملها، رواية مثيرة للاشمئزاز) يعترف. كأننا حيال نسخة ثانية معاصرة من «الجريمة والعقاب». لذلك، تبدو ورطة الكاتبة كبيرة وهي تغوص في تاريخ هذه الكنوز، في محاولة لتفكيك ألغازها، بسردية تمزج التحقيق الصحافي الاستقصائي مع أدب الجريمة، بهوامش كثيرة تحتوي عناوين أهم الكتب التي اقتناها هذا اللصّ، ما يفتح شهية القارئ على قراءة هذه العناوين التي أغوت جون جيلكي كي يخوض هذه المغامرة الخطرة التي ستودي به إلى «فتنةٍ قاتلة». طبعات نفيسة من كتبٍ قديمة، وأخرى حديثة، في مزادات مفتوحة، وجولات محمومة في أسواق الكتب المستعملة.

 يصرّ أحد لصوص الكتب السابقين، على تسمية سرقة الكتاب بالاختلاس النبيل.. أما أصحاب المكاتب فيؤكدون أنها هاجسهم الدائم الذي يكفي لتحويل كل شخص إلى متهم حتى يثبت العكس.. وفي حين يعتقد البعض أن ظاهرة سرقة الكتب قد خفّت كثيرًا الآن، إلا أنها لم تنته أبدًا، فهي موجودة في كل زمان ومكان.. رغم أنها لم تعد تشكل ظاهرة ثقافية صارخة ومدعومة بسلسلة من التبريرات الإيديولوجية، كما في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حيث كانت تبدأ السرقة بكتاب من مكتبة ميسلون مثلاً، ولا تنتهي بسرقة (السيشوار) لأحد الزملاء في المدينة الجامعية، أو حتى (استعارة) النقود وبعض الحاجات الأخرى، مادام التحليل الطبقي حينها قادرًا على حمل عبء كل تلك الآثام دفعة واحدة..! ‏

يتمنى كثيرون لو يعود الزمن قليلاً إلى الوراء فتعود للكتاب جاذبيته التي لا تقاوم، حيث تكفي هذه الجاذبية في لحظة ما لدفع أحدهم إلى سرقة الكتاب الذي يريد، لا لأجل شيء إنما كي يقرأه فقط ثم يضيفه باعتزاز إلى مكتبته المتواضعة في المنزل.. بل إن أحد أصحاب المكتبات ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، حيث أكد لنا أنه وبسبب تصنيف لصوص المكتبات كفئة من الناس المهددة بالانقراض، فإنه يتمنى لو يتمكن من القبض على أحدهم متلبسًا حتى يبادر إلى مكافأته فورًا باعتباره الدليل الأخير على أن الكتاب مازال مغريًا لدرجة السرقة، وأن كل ما يشاع عن عزلة الكتاب وسيادة النشر الالكتروني ليس إلا ضربًا من الخيال لا أكثر..

وتعد ظاهرة سرقة الكتب كانت أكثر وضوحًا وانتشارًا في فترة الثمانينيات، فقد كانت متفشية في ظل انتشار أفكار معينة حينها، وتحديدًا بين فئة الطلاب أكثر من سواهم، أما الآن فقد خفت السرقة كثيرًا حتى أنهم في إحدى المكتبات المشهورة لم يقبضوا على لصّ منذ عام على أقل تقدير..! ‏

في هذا الإطار يسرد أصحاب المكتبات الكثير من النوادر الطريفة حول الأساليب والابتكارات التي يتبعها السارقون لإخفاء غنائمهم، ابتداءً من (الجرابات) حيث يلف الكتاب حول ساق السارق كي يأخذ شكلها ويختفي تمامًا تحت البنطال، فالزبون السارق هنا يمكن أن يخفي الكتاب في أي مكان خصوصًا تحت الثياب السميكة عندما يكون الفصل شتاء، أو في الحقائب النسائية أو سواها من الأدوات التي غالبًا ما يحملها صاحبها بهدف إخفاء الكتب.. لذلك فإن صاحب المكتبة يتوقع كل شيء مهما بدا غريبًا ومستبعدًا، إذ إن اللصوص دأبوا دائمًا على تطوير أساليبهم بغية التمويه أكثر كحمل عدد من الكتب قبل التوجه إلى المكاتب من أجل التضليل، أو وضع الكتاب المستهدف تحت القميص من جهة الظهر لكي لا يظهر أثناء الجلوس والحركة..

في الثمانينيات، أخذت سرقة الكتب شكل الظاهرة الثقافية بامتياز حيث تسلحت بالعديد من التبريرات الايديولوجية كما أسلفنا، وكان من الطبيعي أن تعثر بين السارقين على مختلف السويات الاجتماعية والثقافية ابتداءً من أساتذة الجامعات إلى المحامين والطلبة والناس العاديين.. حتى أصحاب دور النشر عندما يزورون بعضهم يمكن أن يفعلوها بكل بساطة مادامت كل التسويغات جاهزة سلفًا لتقديمه كمهتم بالثقافة ومسكون بحب الاطلاع لكن الحاجة المادية هي التي تجبره على ذلك كما يقول..!

يشكلون لصوص الكتب شريحة مغايرة لغيرهم من اللصوص وإن نعتوا في نهاية المطاف "باللصوصية" كما أن إدمانهم للقراءة مع عدم قدرتهم على شراء ما يحلو لهم من كتب أمر لا يمكن أن يبرر بأي حال من الأحوال ممارساتهم التي يجرمها القانون.

ومن طرائف هذا العالم الغريب أن أحد لصوص الكتب كان يعمد لارتداء معطف طويل عند ارتياده مكتبات البيع ويضع الكتب التي تروق له داخل صندوق من الورق المقوى مثبت بإحكام داخل المعطف ثم ينسل خارج المحل!.

كما أن لصوص الكتب يستهدفون عناوين لمؤلفين تتميز أعمالهم بالجودة والأسعار المرتفعة سواء في مجال الرواية والشعر أو الحقول الثقافية الأخرى بينما تتواصل روايات أصحاب محال بيع الكتب عن آخر السرقات التي تعرضوا لها ويتحدث أحدهم في بريطانيا عن شخص ضبط وهو يخفي عدة كتب في بنطاله يصل ثمنها إلى 400 جنيه استرليني.

ولم ينج الفلاسفة الكبار ومشاهير المفكرين والأدباء ورواد التحليل النفسي من لصوص الكتب كما تشهد أحوال وسجلات "لندن ريفيو بوك شوب" فيما يؤكد جون كليج في هذه الدار الشهيرة للنشر أن البعض لديهم ولع لسرقة كتب نيتشة وفرويد وجان بودريار وجراهام جرين وجاك لاكان والبير كامو وكيركجارد وسارتر ناهيك مكتبات تشكو بشدة من سرقة روايات "هاري بوتر" للكاتبة جى.كى.رولينج.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية تعد أعمال أدباء من المشاهير كارنست هيمنجواي وسكوت فيتزجيرالد وتشارلز بوكوفسكي وجاك كيروك هي الأكثر استهدافًا من جانب لصوص الكتب الذين تمتد أنشطتهم أيضًا للمكتبات العامة.

إعادة توزيع المعرفة

وتتصاعد ظاهرة لصوص الكتب في الغرب مع اقتراب الأعياد التي جرت العادة فيها على تقديم الكتب كهدايا وخاصة في احتفالات الكريسماس فيما يحاول بعض لصوص الكتب تبرير ممارساتهم اللأخلاقية والخارجة على القانون بأنها نوع من "إعادة توزيع المعرفة".

وذريعة "إعادة توزيع المعرفة" تتهاوى تمامًا في حالات للصوص محترفين للكتب النادرة وذات القيمة الفنية العالية إذ يكون الهدف بوضوح إعادة بيع تلك الكتب المسروقة بصورة أشبه ما تكون بعمليات بيع التحف واللوحات الفنية النادرة التي يسطو عليها البعض للإثراء عبر "المال الحرام".

والذاكرة الثقافية المصرية والعربية عمومًا عرفت مشاهد لمحاولات سرقة لوحات فنية ثمينة غير أنه قد تكون هناك حاجة لبيانات دقيقة من دور النشر والمكتبات في العالم العربي حول الكتب الأكثر تعرضًا للاستهداف من جانب لصوص الكتب.

وإذا كانت ذاكرة التراث العربي تحمل مقولة: "كل ثمين عند أهله هو عرضة للسرقة والاختلاس" فإن كريس ادواردز وهو من أصحاب محال بيع الكتب النادرة في لندن يقول إن أغلب لصوص الكتب النادرة الآن يعمدون لإعادة بيع هذه الكتب المسروقة عبر شبكة الانترنت معتبرًا أنهم "يستغلون الفضاء الإلكتروني" للإفلات من ضوابط يمكن أن تفضي للامساك بتلابيبهم حال إقدامهم على بيع مسروقاتهم مباشرة لأصحاب محال الكتب النادرة.

أكثر الكتب تعرضًا للسرقة

وقد أظهرت دراسة إن كتب بوكوفسكي وكيرواك هي أكثر الكتب تعرضًا للسرقة في متاجر بيع الكتب في الولايات المتحدة إلى جانب أعمال همنغواي وديفيد سيداريس ورواية سكوت فيزجيرالد المعروفة "غانسبي العظيم". وجميع هذه الكتب من تأليف رجال وغالبيتها من تأليف "فحول". ولكن الأمر يختلف بعض الشيء في بريطانيا حيث تتصدر روايات هاري بوتر للكاتبة الاسكتلندي جي. كي. رولنغ قائمة الكتب الأكثر تعرضًا للسرقة من متاجر بيع الكتب ويأتي بعدها كتاب آبي هوفمان الموسوم "أسرق هذا الكتاب".

وتروي المكتبات العامة قصة مغايرة. وبحسب الكاتبة والناشطة النسوية كانديس هوبر التي أجرت الدراسة فإن أكثر الكتب تعرضًا للسرقة من المكتبات العامة هي "موسوعة غينيس للأرقام القياسية". والموسوعة كتاب واسع الانتشار يُشترى ليكون في متناول اليد والعودة إليه عند الحاجة.

من الكتب الأخرى التي يستهدفها لصوص الكتب في المكتبات العامة كتب الفن ومجلة الرياضة المصورة وكتب الاختبارات المدرسية الاعدادية قبل الامتحان. ولوحظ أن كتب تصليح السيارات أيضًا تلاقي إقبالاً واسعًا بين لصوص الكتب.

يفخر محبو الروائيين الفوضويين هانتر إس تومسون، وتشارلز بوكوفسكي، وويليام س. بوروز بسرقة أعمالهم.

من الواضح أن الذكور البيض هم أكثر لصوص الكتب شيوعًا، وينجذبون نحو الروايات المصورة.

في تورنتو، سوق هاروكي موراكامي قوي بما يكفي بحيث يسرق اللصوص كتبه من المكتبات الجديدة على رف كامل في كل مرة.

سارقوا الكتب النادرة

سرقة الكتب، التي ربما تكون الأكثر أنانية من بين جميع أشكال السرقة، لها تاريخ يعود إلى بداية المكتبات، عندما كانت الكتب نادرة وبالتالي كانت إغراء أكبر. في العصور الوسطى، كانت اللعنات السلاح المستخدم على نطاق واسع ضد لصوص الكتب لعنة.

تضمنت اللعنات في ذلك الوقت التهديد باللعنة الأبدية أو الطرد من الكنيسة. كان النفي القسري بمثابة عقاب في العصور الوسطى وأيضًا بعد ذلك بكثير في القرن التاسع عشر. في بريطانيا في ذلك الوقت، يمكن أن تشمل عقوبة سرقة الكتب النفي إلى أستراليا، وهي عقوبة عادة ما تكون مخصصة للمجرمين المتشددين.

ويظهر التاريخ أن أكثر لصوص الكتب وقاحة لم يخرجوا من حافة المجرمين بل من صفوف العلماء المحترمين. وخير مثال على ذلك هو الدكتور إلويس بيشلر، وهو عالم لاهوت بافاري وأحد أمناء المكتبات الألمان العديدين العاملين في المكتبة العامة الإمبراطورية الروسية في سانت بطرسبرغ. من عام 1869 إلى عام 1871، ارتكب أكبر عملية سرقة للكتب المسجلة من مكتبة أوروبية. تم القبض عليه عام 1871 مع حوالي 4000 مجلد. كان يرتدي معطفًا ضخمًا مزود بكيس داخلي خاص، يخفي فيه كتبه المسروقة. تضمنت مجموعته مجلدات نادرة وقيمة بالإضافة إلى عدد كبير من الكتب العادية التي لا علاقة لها بأبحاثه. وأدين وحكم عليه بالنفي في سيبيريا.

ويعد الكاتب والشاعر الفرنسي الراحل جان جينيه صاحب "يوميات لص" كان من لصوص الكتب فيما يصف البعض هذا الأديب المتمرد الذي قضى في 15 أبريل عام 1986 "بأشهر لص في تاريخ الأدب العالمي".

سجن جينيه أكثر من مرة بسبب تكرار سرقته للكتب وغيرها بل إنه يستعير النسخ النادرة من مكتبات عامة وبعد أن يقرأها يعرضها للبيع في شوارع باريس وتكرر منه هذا السلوك وتكرر سجنه بما مجموعه سبع سنوات تقريبًا ولتكرار سرقاته كاد أن يحكم عليه بالمؤبد لولا أن الكاتب الفرنسي جان كوكتو شهد لصالحه في المحكمة وقال: "إن جينيه أكبر كتّاب المرحلة المعاصرة" ثم رفع سارتر وكوكتو عريضة ووقع عليها مجموعة من المثقفين يطلبون فيها بالعفو عن جينيه وإسقاط الحكم المحكوم به ومدته عشرة شهور بسبب جنح قديمة وفعلاً تم لهم ذلك وكتب جينيه بعد ذلك "يوميات لص" وهي مترجمة للعربية.

ومن بين اللصوص المشهورين الآخرين ستيفن كاري بلومبرغ الذي وُلد في 8 يوليو 1948م أشهر سارق كُتب في تاريخ أمريكا وذلك بعد سرقته أكثر من 23600 كتاب بقيمة 5.3 مليون دولار أمريكي جميعهم يتصف بالندرة وغلاء الثمن، وكانت كتب متنوعة قام بسرقتها من الكثير من المتاحف المتواجدة في 45 ولاية في أمريكا، وقام أيضًا بالسرقة من الجامعات التي وصل عددها إلى 268 جامعة وأكثر، وتقدر قيمة ما سرقه بما يقارب إلى 5.3 مليون دولار، وهي تعد أضخم سرقة كتب في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبح معروفًا فيما بعد بـ "قاطع طريق الكتب" ألقي القبض عليه في 1990 وتم الاعتراف به على أنه أكثر لصوص الكتب نجاحًا في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وحُكم عليه بالسجن لمدة 5 أعوام، بالإضافة إلى غرامة مالية بقيمة 200.000 دولار، وسميت مجموعة الكتب التي سرقها باسمه (مجموعة بلومبيرغ) التي شملت (أول طبعة من كتاب كوخ العم توم) للكاتبة هيريت ستو، و(اعتراف الإيمان) و(أول كتاب منشور في كونيتيكت في عام 1710)، و(كتاب الأساقفة)، و(مجلد من القرن السادس عشر)، وإدعى "بلومبيرغ" أنه جمع مئة من مسودات الكتب في ثلاث سنوات، بما في ذلك النسخة الأصلية من كتاب (نورمبرج كرونيكل) الذي نشر في عام 1493 للكاتب هارتمان سكيدال، كما جمع (الزامورانو 80) وهي قائمة من الكتب النادرة التي أُنشئت عام 1945 من قبل مجموعة من جامعي الكتب البارزين في نادي الكتّاب في لوس انجلوس الذي يحمل اسم دون أوغستين زامورانو، وأول طابعة في كاليفورنيا.

من بين اللصوص البارزين الآخرين، وبعضهم مدفوع بالمال الذي يمكنهم كسبه من بيع الغنائم، بائعي الكتب وأمناء المكتبات وطلاب الدراسات العليا.

ومن الأمثلة الخيالية، شخصية شاول بيلو، أوجي مارش، الذي يتعلم من صديق كيف يسرق الكتب لبيعها للطلاب، فقط ليجد نفسه يقرأ بشكل إلزامي ما سرقه.

كان الكتّاب من بين أكثر لصوص الكتب إصرارًا على ذلك، بل وادعى البعض أن لديهم دوافع فكرية أعلى. اتُهم الكاتب المسرحي جو أورتن ورفيقه كينيث هاليويل بإلحاق أضرار خبيثة بـ 83 كتابًا و1653 لوحة من كتب المكتبة في بريطانيا وتم إرسالهما إلى السجن.

في أغسطس 2000، عندما بدأ ستانيسلاس جوس، وهو ضابط بحري سابق ومدرس هندسة يبلغ من العمر 30 عامًا، سرًا في نهب مكتبة دير مونت سانت أوديل القديم، في أعالي جبال فوج بشرق فرنسا.

سرق جوس مفتاحًا وبدأ بأخذ مجلدات ليلاً من المكتبة التي تحتوي على آلاف الكتب الثمينة المزخرفة. تم نقلها إلى المنزل على دراجته، وفيما بعد استخدم ممرًا سريًا منسيًا للدخول إلى المكتبة.

عندما تم القبض على جوس أخيرًا متلبسًا في مايو 2002، كان يحاول الإفلات بثلاث حقائب تحتوي على 300 كتاب - وفي هذه المرحلة اعترف بكل شيء. داهمت الشرطة شقته وعثرت على 1100 كتاب ومخطوطة تاريخية ودينية مرتبة بدقة وفهرسة وفي بعض الحالات تم ترميمها.

بعد سنوات قليلة من هذا الحادث تم القبض على سارق كتب آخر سيئ السمعة. كان هذا ويليام جاك، الملقب بالسيد سانتورو أو ديفيد فليتشر، وأطلق عليه أحيانًا اسم "توم رايدر". وصفت الصحافة لاحقًا بأنه "سيد التنكر"، فالرجل كان يبدو مجهولاً إلى حد ما بغطاء أزرق رخيص - والذي ربما يكون المظهر الأكثر فاعلية لسارق الكتب. على مدار خمس سنوات، سرق كتبًا بقيمة 1.1 مليون جنيه إسترليني من مكتبة لندن ومكتبة جامعة كامبريدج والمكتبة البريطانية، بما في ذلك أعمال جاليليو ونيوتن. كتاب واحد فقط، وهو نسخة أصلية من كتاب مالتوس عام 1798 بعنوان "مقال عن مبدأ السكان"، بلغت قيمته 40 ألف جنيه إسترليني.

اليوم، تعد سرقة الكتب من المكتبات مشكلة متزايدة على الرغم من الاستثمار في أجهزة مكافحة السرقات الباهظة الثمن.


عدد القراء: 2942

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-