بول سيزان الرسام الذي أتقن البورتريهاتالباب: فنون

نشر بتاريخ: 2020-02-01 14:45:45

فكر - المحرر الثقافي

بول سيزان هو رسّام فرنسي. على خلاف زملائه من المدرسة الانطباعية، مارسَ التصوير في الهواء الطلق، إلَّا أنّه قام بنقل أحاسيسه التصويرية، في تراكيب جسمية . ومن أهم الموضوعات التي تعرض لها: الطبيعة الصَّامتة، والمناظر الطبيعيَّة، والصور الشخصية، والملامح البشرية، ومشاهد لمجموعات من المُستحِمّين أو المستحِمَّات.

حياته

ولد سيزان في التاسع عشر من يناير بمدينة (اكس آن بروفانس) من عائله ثريّة، وزامل في دراستهِ الأولى في كلية بوربون الكاتب الكبير إميل زولا، أثناء دراسته للمحاماة كان يميل دائمًا إلى الفن ويختلس بعض الوقت لممارسة هوايته سرًا، وبعد فترة تخلى عن دراسة المُحاماة وتحوّل إلى دراسة الفن الذي كان يميل لهُ، وبعد أن انتقل سيزان إلى باريس في عام (1861)، انتسب إلى الأكاديميّة السويسرية وتعرّف هناك على المصوّر بيسار، والذي صار من أخلص أصدقائه، وكما تعرّف على بقية المصورين التآثيريين مونيه، مانيه، رينوا، سيزلي وبازيل وصادق منهم مونيه ورينوار.

بجانب دراسته للفن اهتم الفنان بول سيزان بتعليم نفسه بنفسه، وكان يتردد على معرض اللوفر والمعارض الفنية للاستفادة منها.

كان الفنان بول سيزان من أكبر المصوّرين المجددين سنًّا، وبالرغم من أنّهُ كان أقلّهم شهرة في حياته، وأكثرهم من أُسيءَ فهم أعمالهِ إلَّا أنهُ يُعتبرُ حاليًا من الشَّخصيّات المؤثرة في فنِّ التصوير.

ويمكن أن نعتبر أنَّ الفنان بول سيزان أبًا للفنِّ الحديث؛ وذلك لأنَّ أسلوبهُ كان بمثابة المرحلة الانتقالية لتغيير كبير في تاريخ الفنِّ الحديث وميّزتهُ بأنّه كان ناقدًا للحركة التأثيريّة في عمومها، حيث انتقل فنّ التصوير بفضل تجاربهِ من المدرسة التي نشأت في نهاية القرن التاسع عشر إلي المدرسة التجريديّة الحديثة التي تكوّنت في القرن العشرين.

في عام 1866 تقدم الفنان بول سيزان بلوحاته في صالون فني، ولكنه تم رفضها من قبل المسؤولين. كان هذا الرفض دافع له للعمل على موهبته والدراسة بشكل أكبر، والتعلم من أعمال الفنانين السابقين.

المراحل الفنية

تعد المراحل الفنية من أهم الفترات في قصة حياة الفنان بول سيزان التي ساهمت في تقدمه بشكل كبير. مر الفنان بول سيزان بالكثير من المراحل التي تأثر فيها بالعديد من اعمال الفنانين الذين سبقوه.

كانت المرحلة الأولى من حياة الفنان بول سيزان منذ عام 1860 واستمرت حتى عام 1870. تأثر في هذه المرحلة بالمذهب الرومانتي، على نهج دومبيه وميلا، فكانت لوحاته مسرحية مليئة بالحركة، و قاتمه الألوان.

بدأ في التغيير من لوحاته تأثرًا بالمصور بيسارو، وترك المذهب الرومانتي واتجه إلى اتباع النظرية التأثيرية عام 1873. اتجه الفنان بول سيزان إلى دراسة الطبيعة وترك اللوحات المسرحية، والاتجاه إلى تجسيد الطبيعة بألوانها الفاتحة للحيوية.

رسم الفنان بول سيزان لوحته "المنزل المعلق" التي تجمع بين المرحلتين الأولى والثانية، والمذهب الرومانتي والتأثيري. انتقل الفنان بول سيزان إلى المرحلة الثالثة من مراحله الفنية في عام 1880. كانت المرحلة الثالثة مرحلة اختار فيها ما يناسبه من المذهب التأثيري، مع التحرر في الألوان.

شارك الفنان بول سيزان بلوحة المنزل المعلق في معرض التأثيرية عام 1884، ولكنها قوبلت بالنقد والسخط.

أعمال بول سيزان وأفكارهُ كانت مُهمّة في تكوين كثير من الفنّانين والحركات الفنيّة في القرن العشرين. بالذَّات الحركة التكعيبيّة.

تقدم الفنان بول سيزان بلوحة أخرى في العام الثالث من معرض التأثيرين، ولم يشترك به بعد هذه المرة.

اتجه بعد ذلك الفنان بول سيزان إلى رسم الطبيعة بقوانين هندسية لتجسيدها بشكل دقيق. كانت اول لوحاته التي جمعت بين الفن و قوانين الهندسة هي لوحة جبل سان فيكتوار.

بهذه الخطوة يعد سيزان هو مؤسس مدرسة الرسم التصويري الحديث، التي مهدت إلى الرسم التربيعي والتكعيبي.

فن سيزان كان مُهملٌ من العامَّة وغير مفهوم ولأغلب حياته. تطوَّر من الانطباعيّة إلى أن تُحدَّت لوحاته كلَّ الحدود التقليديّة المُتعارف عليها في الرَّسم في القرن 19 من خلال الإصرار على التعبير عن النفس وهوية اللَّوحة نفسها. سيزان هو الفنان الذي لم يعرض سوى قليلاً خلال حياته، وتابع عملهُ بعزلة متزايدة، ويعتبر اليوم من أعظم المُسبقين في الفنِّ الحديث كفنانٍ نضج ببطء. ويرى النقّاد أنَّه صنع أعظم أعماله في آخر 25 عام من حياتهِ.

أثّرت أعمالهُ في أكثر الحركات الفنيّة اللَّاحقة. وأعماله توحي في أحيان كثيرة بمزاج معيّن مُلقية الضوء على معاناتهِ، وألوانه وضرباته قويّة فيها كثير من الغنى والابتكار.

أهم أعماله

لوحة شخصية لسيزان:

قرَّر الفنان سيزان أن يجعل من التأثيرية شيئاً متينًا خالدًا مثل فنون المتاحف، وذلك عن طريق ربط التأثيريّة ببعض الأساليب الكلاسيكيّة، فنبذ الفرجون الخشنة التي كان الانطباعيون يستخدمونها للتَّعبير عن البُعد الثالث.

كما ترك طريقتهم في معالجة المنظور والضوء والظلال ورفض أن يقلّد الطبيعة التي يرسمها وبدأ يبحث عن حلول جديدة مبتكرة للوصول إلي أهدافه واستطاع في النهاية أن يرى في العناصر الطبيعيّة التي يرسمها أشكالاً هندسيّة بدلاً من الأشكال الطبيعيّة، وكان يملأ هذه المساحات بعد ذلك بمساحات من الألوان.

لوحة قمة سان فيكتوا

ويتّضح في لوحات سيزان الطبيعيّة صراعًا بين البُعد الثالث للطبيعة الذى اهتمَّ بهِ الكلاسيكيّون، وبين البُعد الثاني للتَّصميم الذى فضّلهُ الفنان بول سيزان، ولقد أدَّى ذلك التناقض إلى ظهور تحريفات في لوحاته التي رسمها من وجهات نظر متعددة، كما أنّه ولم يهتمَّ بالنسب وبعد المُنظور.

لوحة طبيعة ساكنة

وصل سيزان القمة في أسلوبهِ الكلاسيكي في الأعمال التي عرضت في المعرض الذى أقامهُ التاجر فولار في عام (1895) حيث اتجه إلى رسم البورتريهات للطبيعة والأشخاص.

واتّضح ذلك في لوحات مجموعات الأشخاص التي اهتمَّ برسمها في آخر حياته، ونلاحظ في تصميم هذه اللَّوحات أن سيزان راعي صلابة البنيان الهندسي وحبكة التأليف، وكانت اللَّوحة تستغرق منهُ مدَّة طويلة ومن أجمل هذه الأعمال لوحات (لوحة لاعبو الورق) في متحف اللوفر باريس.

وفاته

توفي في 22 أكتوبر 1906 عن عمر يناهز 67 عامًا في مسقط رأسه ايكس اون بروفونس في فرنسا. كان سبب وفاته هو اصابته بأمراض الرئة والالتهاب الرئوي الحاد المتقدم. لم تنتهي أعماله الفنية من نجاحاتها بعد وفاته، حيث ان النقاد مازالوا يشيدون بأعماله وأثرها الفني حتى العصر الحديث.


عدد القراء: 10033

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-