أنطولـوجيا الإبداع باللغة بين وجـوديــة الأمس وكينونـة اليومالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2021-09-30 23:16:48

عبد الناصر بوشنافة

كلية الآداب واللغات جامعة محمد بوضياف-المسيلة- الجزائر

الملخص:

يبقى سؤال الإبداع باللغة دائمًا وأبدًا وقبل كل شيء سؤالاً مؤدلجًا في المحصلة، بفعل تعدد التصورات الفكرية واختلاف الرؤى المعرفية وتنوع المقاصد الذاتية والموضوعية إزاءه، صوب حدود دلالة الإبداع نفسها بما هو خَلق، ونحو ماهية اللغة ذاتها بما هي كينونة الوجود وسُكنى الكائن في حواره مع ذاته ومع الحقيقة بكل أشكالها في نسختها الإبداعية/اللسانية خصوصًا، المرتبطة بصيغة نظم الشعر تحديدًا.

سؤال تأرجح محتواه التنظيري/المفاهيمي/الوظيفي، بين الرؤية النقدية العربية التراثية وبين النظرة العقلانية الغربية الحداثية، وبينهما أضحى تخطيبه الماثل فيه يعيش نوعًا من التشظي/التشتت/التيه، من حيث مبدأ الاختيار/التمثل/الاشتغال، بناء على توليف كلِّ منهما، بحيث لا يزال إلى اليوم في عملية بحث دائم عن شرعية حضوره في رحاب عوالمهم الأنطولوجية المتباينة/ المتناقضة/ النسبية.

كان ولا يزال سؤال الإبداع باللغة يُلقي بظلاله الجدلية على كل من قرر الولوج في رحاب عوالمه المؤدلجة، تلك العوالم المتماهية/المتناهية/ المتباينة/المتناقضة/المتشيئة/المعترفة/ الصحيحة/المغلوطة، بفعل التعدد/الاختلاف/التنوع/ التاريخ/ الحاضر/ الحقيقة، سؤال ترجمت حضوره مواضعات أنطولوجية متعددة سعت عبر وسائطها الدلالية ومداخلها التنظيرية ومباحثها العملية، التراثية والحداثية، العربية والغربية، تأكيد كينونة وجود لذاته ولو بصورة آنية/ عبثية/ متوترة/ متشظية، مواضعات رغم فعالية تخطيبها المتكرر صوب حدود الكائن والممكن والحقيقة، الماثلة فيها إلا أنها لم تستطع في أغلب محطاتها أن تجانب حقائقه وتمنحه هوية ثابتة وسلطة تامة يؤكد من خلالها شرعية خطابه بصفة مستقلة وسط سؤاله مع ذاته  مرجعيةً/ بنيةً/ مصطلحًا/ مفهومًا/ آليةً، وحواره مع غيره تفاعلاً/فهمًا/ مفهمةً/ تفاهمًا/ تأويلاً، ذلك أن سؤال الإبداع باللغة "Creativity Language"(*) يمثل في نظر أهل الذكر من النقاد أحد أهم أركان النظريات الأدبية والفلسفية، عربيًا وغربيًا، المشتغلة في سياق قضايا الإبداع/اللغة/الحقيقة، في نسختها المرتبطة بالخلق تحديدًا، تاريخية كانت أم آنية متأخرة، كونه يأتي مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالفن في مختلف أشكاله ومتونه، إبداعية كانت أم نقدية، وما يحتويه من نتاج إبداعي فني أدبي على وجه الخصوص، بوسمه تخطيبًا مؤدلجًا له جذور فكرية ومعرفية، فنية وعلمية، عميقة جدًا، مكنته عبر جدل فلسفياته المتنوعة من أن يحتل مكانًا بارزًا وحيزًا مُهمًا في معظم الدراسات اللغوية والبلاغية لدى النقاد والبلاغيين في ثنايا التراث النقدي العربي/الغربي، القديم/ الحديث، إذ يمكن للمتتبع أن يلتمس بجلاء جملة من الجهود النوعية والمتقاربة الرؤى حوله كخطاب مُؤدلج بالضبط داخل نسيج تمظهراته/ شجونه/ تهويماته، المتشابكة والمتداخلة، والتي تحيل بدورها على وجود جملة من التفريعات الإبستيمية المختلفة، بحيث نظر إليه البعض بوصفه قوام الإبداع وسؤاله في تقاطعه مع اللغة والفن والجمال، كونها تمثل مدخل النظرية الأدبية العربية في شتى أبعادها الفلسفية، ذلك حينما ترجمت حضورها في جل المواقف والطروحات النقدية، بالأخص لدى جهابذة البلاغة والنقد ضمن تاريخ الفكر النقدي العربي القديم ويكفي للتأكد من ذلك إلقاء نظرة موجزة حول ما تطرق إليه مثلا الناقد عبدالقاهر الجرجاني (400-471هـ) في محور معالجته لمحتوى أسئلته المتكررة والتي لا تزال كائنة فيه بثبات وتحول، بما هي أسئلة القلق الأنطولوجي وإثبات الذات والبحث عن شرعيتها الإستيطيقية، الحاضرة/الغائبة/المنسية، وما أضافه لها من جهد فكري لا يقل تمامًا عن إسهامات العقل الغربي، القديم/الحداثي/ما بعده/الراهن، في محور مساءلته مع مضمون تمثلاتهِ/تغيراتهِ/تحولاتهِ/ثباتهِ، بصيغة حوارية مشابهة/مماثلة/مطابقة/مختلفة، لما هو كائن، بوصفه عقلاً تراكميًا/ عقلانيًا/ متكلمًا، أضاف ما كان قد أضاف لمثل هكذا سؤال، إذ لا "يمكن أن يقول مكابر مهما بلغ انبهاره بإنجاز العقل الغربي أن عبدالقاهر الجرجاني هنا لم يكن ناقدًا تطبيقيًا من الطراز الأول؟! لكن عبدالقاهر لم يكن في الواقع ناقدًا تطبيقيًا فقط لأنه يتحرك في تحليله لجزئيات الصورة المرئية السمعية audio-visuel من نظرة لا تقل نضجًا للشعر ووظيفة اللغة والمجاز ويستطيع من يشاء أن يعيد قراءة تلك السطور العبقرية ليحدد حسب قدرته مفهوم الإبداع الشعري باعتباره تركيزًا concentration كما قال إليوت ومفهوم الزيادة ومدى اتفاقه واختلاطه مع مفهوم "الزيادة" و"الإكمال" بالمعنى الذي قصده دريدا!"  ذلك أن مفهوم الإبداع باللغة في ضوء النظرة البلاغية التراثية عند النقاد والبلاغيين العرب القدامى كان قد ارتبط في شقه النقدي بعملية نظم الشعر آنذاك، لما للشعر من مكانة جليلة ومقدسة في نفوس المبدعين والنقاد في تلك الفترة بما هو في النهاية ديوانهم وسكناهم التي تلوذ إليها النفوس/الروح/النقد/اللغة...، هرولةً/كينونةً/وجوداً/تمثلاً...، ولعل ما وصلوا إليه من وراء مناقشتهم لمحتوى  مضمون الإبداع باللغة لا يقل أبدًا عن ما وصل إليه الآخر/الغيري/ المختلف، ضمن نفس التخطيب في محور اهتدائه بالدراسة والنقد، تنظيرًا وممارسة لخطاب الإبداع باللغة مشروعًا/حتميةً/سؤالًا، في ضوء ما تقتضيه أدبيات الحوار ومبادئ العملية الإبداعية/النقدية نفسها، من لغة رمزية/فلسفية/أنطولوجية،رصينة/جمالية/علمية،معقولة/مقبولة/نسبية، ودلالة خطابية/إيحائية/وظيفية، نوعية تُترجم في أواسطها منظومات إيديولوجية/تصورية/فكرانية، متنوعة، ذات أنظمة تفكير مركزية، تعكس في بنيات وعيها/إدراكها/حقائقها، مقاصد مفهومية وعملية، محددة/صحيحة/مغلوطة/معلنة/مبطنة، كان قد وصل إليه الناقد العربي التراثي بما يقرب عن مئات السنين، حينما قدمه في شكل شذرات/ تيمات/ موضوعات، فكرية مقبولة، اهتمت بمحتوى التفكير فيه مفهوميًا وعمليًا، تماما كحال ما كان قد أتى به عبدالقاهر الجرجاني آنفًا، بحيث نلفيه مثلاً يحيل عليه على اعتبار أنه، أي "الإبداع: من أبدع وهو أن يأتي الشاعر بالبديع والبديع: الشيء الذي يكون أولاً والإبداع سمته الشاعر المبتكر والكاتب المقتدر وقد وضعه البلاغيون والنقاد في قمة الإنتاج قال ابن رشيق: الإبداع: هو إتيان الشاعر بالمعنى المستظرف الذي لم تجر العادة بمثله ثم لزمته هذه التسمية حتى قيل له: بديع وإن كثر وتكرر فصار الاختراق للمعنى والإبداع للفظ فإذا تم للشاعر أن يأتي بمعنى مخترع في لفظ بديع فقد استولى على الأمد وحاز قصب السبق (...) فالإبداع عند بعضهم  هو"سلامة الاختراع" والإبداع عند آخرين هو أن يكون  البيت من الشعر مشتملاً على عدة ضروب من البديع"   وهنا تتم عملية ربط الإبداع بالنتاج الشعري عبر وسيط اللغة ذاتها بالنسبة للشاعر فالإبداع باللغة من هذا المنطلق لا يمكنه أن يتحقق إلا إذا وافقت عملية الإبداع، عملية اللغة الشاعرية وصيغة الاختيار المبدئية والأساسية التي يقوم بها المبدع، فمن خلالها وأثناء تحقيقها ينتج عنها نوع من الانسجام/التناسق/التناغم، لمحتوى مكونات الدلالة التشكيلية/ التكوينية/ العملية، بما فيها تماهي نص اللفظ مع سؤال المعنى، ضمن المحتوى الأدبي المراد وضعه وتقديمه وتصحيحه والإبانة عليه، وفق أُطر فهم مُعَينة تتخذ من الإبداع جسرًا لها في مسعاها نحو الوصول  إلى كينونة مستقلة للغة وتحقيق شرط الوجود لذاتها لتعبر عن نفسها بنفسها وعن رؤيا العالم من جديد بوصفها سُكنى الكائن/ الإبداع/ الحقيقة، في النهاية، وموطن الشاعر/الشعر/الخيال، في الآن نفسه.             

تبعًا لهذا فإن معرفة معنى الخيال أيضًا من حيث كونه مرتبطًا بفعل الإبداع بشكل عام ومفهوم اللغة في شقها الإستيطيقي بشكل خاص، يحيل على أن دلالة الخيال نفسها  كانت بلا مواربة مرتبطة "ارتباطًا وثيقًا بالنظرية الأدبية وبكل ما يتصل بمجال النشاط الفني والأدبي (...) وإذا كنا قد قلنا من قبل بأن الفن حدس كما قال كروتشه وأنه أثر من أثار الخيال كما قال كولردج وورد زورت وغيرهما (...) من أجل ذلك كله فطن كروتشه عند تحديده للفن بأنه حدس أو صورة أو خيال أن يتدارك نفسه فيميز بين الصورة الخالصة والصورة غير الخالصة"  ، فالخيال بوسمه إبداعًا في الرؤية النقدية الغربية تحديدًا، يأتي    مقترنًا بعملية الخلق والإبداع ذاتها، التي تتخذ من اللغة وسيلة أساسية مُكملة لأفعال عملية الإبداع، فهذا مثلاً كولردج يُقدمه تحت عنوان الخيال والتوهم، بقوله" أنني أعتبر الخيال إذن إما أوليًا أو ثانويًا فالخيال الأولي هو في رأيي القوة الحيوية أو الأولية التي تجعل الإدراك الإنساني ممكنا وهو تكرار في العقل المتناهي لعملية الخلق الخالدة في الأنا المطلق، أما الخيال الثانوي فهو في عُرفي صدى للخيال الأولي (...) الخيال هو القدرة التي بواسطتها تستطيع صورة مُعَينة أو إحساس واحد أن يهيمن على عدة صور أو أحاسيس (في القصيد) فيحقق الوحدة فيما بينهما بطريقة أشبه بالسهر" ، بدعوى أن كل "إبداع مغامرة ومن لم يستطع أن يغامر مع اللغة فسوف يضع في نفسه دائرة تضيق عليه يوما بعد يوم حتى تخنقه"  وهي إحالة تؤكد للمتتبع على أن الإبداع بما هو أحد الأشكال التخييلية/الخيالية/الرمزية/الواقعية، على صعيد مغاير/مماثل، يحمل بين طياته مدلول الخيال في شتى أنواعه، هذا الخيال الذي يتخذ من اللغة وسيطًا تعبيريًا وآلية دلالية في مسعاه نحو تصوير ما يراه متحققًا وماثلاً في ما وراء تشكيل بنية الإبداع نفسها وأبعادها اللغوية، فإذا "عدنا إلى المدلول المعجمي لكلمة إبداع وجدناها تدل على الإنشاء ابتداء، وعلى الجدة والاختراع على غير مثال (...) ولم تخرج الدلالة المعجمية لهذه الكلمة ومما اتصل بها عند الغربيين من السياق الدلالي الذي رأيناه لها في التراث العربي فمن الدلالات التي منحت لها في الكثير من المعاجم الغربية معنى إيجاد الشيء من لا شيء، ودون آية واسطة وقد ورد الفعل أوجد في هذا المقام مسندا إلى الله جلت قدرته  فقد جاء في الموسوعة اللغوية الإسبانية أن الإبداع هو الحدث الذي يوجد به الله شيئًا  من لا شيء وهو عين ما فسر به مصطلح إبداع في المعجم الموسوعي الفرنسي المنشور تحت إشراف رولمورتيه، وفي موسوعة لاروس الكبرى"   نفس الشيء، على اعتبار أن "الإبداع مهما تعددت مفاهيمه ومواطنه و مرتكزاته إلا أنه يبقى الحالة التي من خلالها يبصم بها الشاعر فترده متفردًا بمختلف الصور والمعاني المبتكرة" وفق هذا يتضح أن سؤال "الإبداع باللغة" رغم حمولته المؤدلجة، استطاع أن يحتل بذاته مكانة بارزة، لدى مختلف النقاد في القديم والحديث عند العرب و عند الآخر، فقد ظلَّ قائمًا بذاته على جملة من المعايير والقواعد منها ما كان قد أكده "البلاغيون العرب خاصة عبدالقاهر الجرجاني لاستخدام المجاز بصورة تحقق أكبر قدر من الحرية في الإيحاء بتعدد الدلالة والمعنى، وهي ضوابط تضمن عدم انزلاق الشاعر المبدع إلى هوة الغموض وفوضى الدلالة وإذا كنا طوال الوقت في تتبعنا للمحاور الأساسية للنظرية الأدبية العربية بنقل أبرز مقولات علمي البيان والمعاني العربيين إلى قلب القرن العشرين لا لتأكيد سبق البلاغة العربية بل لتأكيد وجود نظرية عربية لغوية وأدبية كان من الممكن تطويرها لتصل بنا إلى نفس ما نقلناه عن  الغرب"   طالما أن "موقفنا المبدئي يقوم على أن ما جاءت به الحداثة الغربية وما بعد الحداثة ليس خيرًا كله. كما أنه بالقطع، ليس شرًا  كله دعونا نتوقف توكيدا لمقولتنا أنه ليس كل ما جاءت به الحداثة الغربية شرًا  كله من ناحية  وأن البلاغة الغربية قادرة على مباغتتنا بالكثير، من ناحية ثانية" ، وضمن كل هذا يبقى الإبداع في شقه المرتبط بالشعر واللغة، سؤالاً مركزيًا أساسيًا وجب تثويره/ تكريره/قراءته، كلما اقتضت الحاجة لذلك، ليناسب بفعالية حضوره كل ما هو كائن على مستوى الإبداع كإبداع بوجه عام وعلى صعيد اللغة كخطاب أنطولوجي بوجه خاص، لاسيما أن اللغة نفسها تعتبر في المحصلة مرآة وجودية مؤدلجة تعكس ضمن صيغ تفكيرها وبنية تشكيلها ودلالة مقاصدها، معنى الإبداع على اختلاف أصوله التكوينية وفروعه الإيحائية ومستوياته الإجرائية، كونها القالب المثالي الذي  بمقدوره حمل مواضعات نص التخطيب السالف، بكل إخلاص ومسؤولية، بوسمه المصوغ الوحيد الذي يمكنه ربط وترجمة ما يحمله هذا الإبداع في نص تمفصلاته/تمظهراته/حيثياته، والتي غالبًا ما تكون ذات طبيعة خَلقية/إبداعية/ نقدية/إستيطيقية/ خيالية، بالدرجة الأولى، يطمح الإبداع نفسه إلى إيصالها عن طريق سؤال اللغة ذاته.

وإن الذي يمكن استنباطه والتسليم به، مما سبق الإشارة إليه، ضمن سطور هذا التخطيب، هو أن هذه القضية - الإبداع باللغة- قد استطاعت أن تسيل الحبر المعرفي الكثير لدى مختلف النقاد، عربيًا/ غربيًا/ قديمًا/حديثًا، فعند النقاد العرب القدامى مثلاً، كانت قد اقترنت بالجانب الفني والجمالي، في عملية نظم الشعر واختيار ما يناسبه تأثيثاً لشاعريته المعهودة/الثابتة/المتحولة، بنيةً/تشكيلاً/قصديةً، استنادًا على دلالة اللغة بوسمها وسيطًا تعبيريًا/ إبداعيًا/ نقديًا، لا مناص منه وجب حضوره في قلب أي تجربة شعرية بالنسبة للشاعر المبدع آنذاك، لما لها من خصوصية تشكيلية/تكوينية/نَظمية، تتعلق بسمة الإبداع ذاته وطريقة تقديمه لسانيًا/لغويًا ودوره الأساسي في عملية نظم الشعر خصوصًا، ذلك أن ما أضافه جهابذة الدرس البلاغي واللغوي لهذا السؤال وما يحمله في أواسطه، من ثبات/تحول/اختلاف، بالأخص تراثيًا، يكاد في أن يكون بلا مواربة وبدون أي موالاة وتزكية، خطابًا أصوليًا نوعيًا، يستحق الاهتمام كونه لا يقل تماما في محتوى مضمونه، حقيقةً/ نظامًا/ فهمًا/ مفهومًا/ آليةً، عن ما هو كائن اليوم، ضمن نفس الصيغة النقدية الماضية/الراهنة، التي طُرح بها  في سياق تصور الآخر/الأجنبي/المركز، تحديدًا وما كان قد أضافه له في صُلب نظرياته/طروحاته/ممارساته، كونه يمثل بالنسبة لنقاده أحد الجوانب الأساسية في العملية الأدبية الإبداعية، والتي يهدف المبدع/الشاعر من ورائها الوصول إلى رؤية إستيطيقية  مُعَينة، تكون اللغة هي المحور الأساسي الذي يرتكز عليه والدعامة المركزية التي يستند عليها في مشروعه نحو بلوغ إبداع لغوي نوعي، يرقى لمصاف ماهية الإبداع باللغة ذاتها، بكل تهويماتها الخَلقية/الخيالية/الواقعية، الفنية/الجمالية، وفي خضم هذا تبقى جملة هذه المواضعات التعريفية/التنظيرية/ المفهومية/العملية، بمثابة إضافات تراثية إبستيمية نوعية، قدمها بالأخص النقاد العرب القدامى، تنظيرًا/ حقيقةً/ وظيفةً، حول دلالة سؤال الإبداع باللغة، في أزمنة متعاقبة/ متقاربة/ متفاوتة، يمكن العمل على إعادة صياغتها من جديد، وفق رؤى أدبية/أنطولوجية/فلسفية، حداثية/تراثية/ هرمينوطيقية/ راهنية، تتماشى مع طبيعة العملية الإبداعية نفسها والممارسة النقدية إزاءها، في نصها المتعلق بمحتوى الخَلق اللغوي في نسخته الإبداعية تحديدًا. 

 

الهوامش:

(*) يقابل مصطلح الإبداع باللغة، المصطلح الأجنبي «Language Creativity» الذي يعرف بـ:

«Language Creativity» : ability to produce or understand sentence you have never heard before.

Resource: Angler Biobío, general dictionary, Univlille 3- FV.

1 - عبدالعزيز حمودة: المرايا المقعرة (نحو نظرية نقدية عربية) سلسلة عالم المعرفة يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، أغسطس، 2001، ص: 378.

2 - أحمد مطلوب: معجم النقد العربي القديم، ج1، ط1، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، العراق، 1989، ص: 70، 73.

3 - محمد زكى العشماوي: دراسات في النقد الأدبي المعاصر، د ط، دار الشروق، بيروت، لبنان، 1994، ص: 243، 244.

4 -  المرجع نفسه، ص: 259، 260.

5 -  المرجع نفسه، ص: 149.

6 - نبيل دادوة: الموسوعة الأدبية، ج2، د ط، دار المعرفة للنشر، باب الواد، الجزائر، 2008، ص: 7، 8.  

7 - المرجع نفسه، ص: 12.

8 - عبدالعزيز حمودة: المرايا المقعرة (نحو نظرية نقدية عربية) ص: 410.

9 - المرجع نفسه، ص: 411


عدد القراء: 1796

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-