تقسيم الخدود (قصة قصيرة)الباب: نصوص

نشر بتاريخ: 2015-08-24 00:07:53

د. عبد الستار الحاج حامد

عضو الهيئة التدريسية في قسم اللغات الشرقية/ جامعة إسطنبول

رشاد نوري كونتكبن 1

ترجمة: عبد الستار الحاج حامد

 

 

السيد خالد ( تاجر غني في الخامسة والأربعين من العمر مخاطبًا ابنه الصغير الجالس في زاوية الغرفة يلون أحذية ألعابه بالحبر): تعال إلى جانبي يا جودت انظر ماذا سأعطيك ؟

جودت (طفل في الخامسة من عمره ذكي ومشاغب ذو شعر أشقر مجعد): ماذا ستعطيني؟

  السيد خالد: مخفياً قطعة الشُوكُولاَتَة في يده لنرى نصيبك ماذا سيكون، لكن ليس بالمجان يجب أن تعطيني قبلة

جودت: حسنا، قبِّل( يقفز جودت إلى حضن والده ويمد خده لوالده ليقبله).

فرهونده خانم (زوجة السيد خالد في العقد الثالث من العمر ترمي الملابس التي كانت تخيطها بهدوء): يا بك نبهتك ألف مرة لا تقبل هذا الولد

السيد خالد: (ضاحكًا) لا تَخافي لن ينفذ سيبقى لك منه أيضًا

فرهونده خانم: يا بك أرجوك أترك التصرفات غير المناسبة

السيد خالد: أنتِ تتصرفين بشكل غير مناسب ماذا يحدث لك إن قبلت الولد

فرهونده خانم: ماذا يحدث لي ؟! أولاً تجعله مشاغبًا، ثم إنك تجعل خدوده ذابلة.. ستصدر منها رائحة السجائر، وبعد ذلك لن أستطيع تقبيله براحتي.. خدود جودت مثل الجيفة تفوح منها راحة السجائر.

السيد خالد: الآن فهمت الحكمة من ذلك. تقولين ستصدر منها رائحة السجائر وبعد ذلك لن أستطيع تقبيله براحتي، هل أعطيك جوابًا قطعيًّا ؟ أصبحت أبًا في الأربعين من عمري وأريد أن أشبع  من حب ولدي..

فرهونده خانم: أنت تريد أن تحب ولدك، وأنا أيضًا لا أقبل خدًّا تصدر منه رائحة السجائر

السيد خالد: في هذه الحالة هناك حل... لنُقسِّم خديّ الطفل... الخد الأيمن لي والأيسر لك

فرهونده خانم: حسنًا، أقبل، لكن سَتَعِدُنِي بأنَّك لن تتجاوز على حقيّ... ولدي جودت، هذا الخد من الآن فصاعدًا لي لا تدع أحداً يقبله. اتفقنا؟

السيد خالد: هذا الخد لي أيضًا، إذا سمعت أن أحدًا قبله فالويل لك، فلن يكون هناك لا سكر ولا شُوكُولاَتَة

فرهونده خانم: لنرى هل فهمت ياجودت أيهما خديّ ؟

جودت: (مشيرًا بإصبعه إلى خده الأيسر) هذا هو

السيد خالد: وخديِّ

جودت: (مشيرًا بإصبعه إلى خده الأيمن) لقد تعلمت (يعود إلى ألعابه مُرددًا وحافظًا) هذا الخد خد أبي، وهذا الخد خد أميِّ... هذا لأبيّ، هذا لأميّ، هذا لأبي..

 

2

 

(في المطبخ بعد طعام العشاء)

جودت: حبيبي كبير الطباخين... روحي كبير الطباخين.... عيني كبير الطباخين .. أعطني من حلوى التمر هذه أيضًا. لم تطعمني منه أميّ كي لا أمرض.

كبير الطباخين: (رجل في الخمسين من عمره من بولو) أعطيك لكن أنت أيضًا أعطني قبلة

جودت: لا يجوز، تغضب أميِّ

كبير الطباخين: وكيف ستعرف أمك؟

جودت: أبي لن يحضر لي شُوكُولاَتَة.

كبير الطباخين: (يُمسك بالطفل ضاحكًا)  أو تظنُّ أنَّك أني لن آخذ قبلة بالقوة إن لم تعطني.(يقبل جودت من خده الأيسر جاعلاً اأاه يصرخ)

 

3

 

(حجرة السيد خالد مليئة بالضيوف.... جيرانه الكهول، الضباط، المدرسون... عندما كان إمام الحي يروي إشاعة تتعلق بالحي مهولاً أمرها يدخل جودت الغرفة باكيًا)

السيد خالد: ماذا حدث ياجودت

جودت: ....

إمام الحي: ما مشكلتك يا صغيري.

جودت: (باكيًا) أبي، قل لكبير الطباخين هذا شيئًا. قبل قليل قبَّل خدَّ أمي في المطبخ...

 

 

1 - روائي وقاص تركي (1889 - 1956) من كتابه ضيف الرحمن (حكايات قصيرة) دار الانقلاب للنشر الطبعة الحادية عشرة، إسطنبول 1991


عدد القراء: 4839

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-