توظيف الإعلام والتعليم في الغربالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2022-05-29 05:41:42

أ.د. مهند الفلوجي

لندن

إن سلاسة المعاملات الإدارية وسرعتها وتذليلها للمواطن لهو دليل رقي ونهضة الغرب بوصفها خدمة تقدمها الدولة لمواطنيها الذين انتخبوها لكي يهتم المواطنون بأعمالهم وتقديم خدماتهم لبعضهم البعض مما يزيد الترابط واللُحمة الوطنية ويضمن الولاء للدولة. في الشرق ترى اصطناع المشاكل لتعطيل المعاملات الإدارية (لا تذليلها) هو السمة الشائعة: فالمسؤولون مثلاً يُدخلون الاسم مغلوطًا بالكومبيوتر ثم يحاسبوا المواطن على الخطأ في أوراقه الصادرة من الكومبيوتر ذاتها!!! أذكر أن ذبابة (تبرزت) على الياء في سجل فتاة اسمها (مي) مكتوبة بالياء المقصورة (مى) فصارت (من) وجاء الموظف وهو أصلاً يبحث عن تصنيع المشاكل فوجد ضالته فبدأ بعرضه المسرحي؛ جاء بعدسة مكبّرة وقام ينظر بعين واحدة يتفحص كـشيرلوك هولمز ليفتي أن الاسم هو (من) وليس (مي)، مما اقتضى معاملة طويلة واستنزاف للجهد والوقت والمال لتصحيح الاسم!!!  قارن هذا بالمعاملات في الغرب التي تُحلّ إشكالاتها بالتلفون والبريد (لأن كل المعلومات مسجلة بالكومبيوتر) دونما الحاجة لأخذ المعاملة للدائرة باليد، والذي فيه إجحاف واستنزاف وتعذيب وترهيب.  أضف لذلك فوضى الزحام غير المنضبط.

ثم أن قضية الواردة والصادرة موروث بالٍ عن دفتردار الدولة العثمانية وهو استنزاف للجهد والوقت والورق في دوائرنا الرسمية، ويمكن الاستعاضة عنه بذكر عنوان وتاريخ ورمز مرجعية (Reference) المعاملة كما الحال في معاملات الغرب.

مؤسسات الإعلام ووسائل التواصل الهادفة Media Purposeful Information and Communications      

والافاقة السريعة من المصائب تقتضي تثقيف الجماهير وتوعيتهم. فمن وكالات الأنباء والإعلام التي تغذي شعبها بمستلزمات الساعة لحل الأزمات وتخبر العالم بما ترتئيه صالحًا من وجهة نظرها كأنباء الـ BBC وCNN الشهيرة وإذاعاتها بالتلفزة والراديو وبمختلف لغات العالم، ومؤسسات المسارح والسينما اللاتي تواكب الترشيد السياسي وتنمي الحس الأدبي وتحشد الولاء الوطني للبلاد. وكما يُستثمر الإعلام لحل الأزمات والخروج السريع من المصائب، كذلك يُوظفُ الإعلام في الرقابة العامة لتتبع وفضح فساد نوّاب البرلمان واسقاطهم سياسيًا إن أساؤا استخدام السلطة. لذا يُسمي الأوروبيون الإعلامَ بالسلطة الرابعة (Fourth Power or Fourth Estate بعد السلطات الثلاث: رجال الدين، والنبلاء، والعامة (Clergy, Nobility, and Commoners. والإعلام الغربي الموجه للشرق يمتاز بدسّ السمّ في العسل فلا يخلو من مصداقية كما لا يخلو من تضليل مقصود. وصار هناك علم التجهيل والتضليل Agnotology لدراسة الجهل أو الشك المتعمد لبيع منتج بالتلاعب بنشر بيانات مضللة علميًا. وتضليل CNN الإعلامي (في قصة نيرة – أنظر تحت) التي أدلت بمعلومات كاذبة هو جزء من علم التجهيل Agnotology والذي استخدم سياسياً كحجة للغزو الأمريكي على العراق بعد احتلال الأخير للكويت.

يستشهد روبرت بروكتور (الأستاذ بجامعة ستانفورد الذي وضع تسمية هذا العلم عام 1995) بشركات التبغ التي أثارت الشك حول مضار التبغ الصحية لـ40 عامًا. كما وخضعت معرفة صفائح البحار التكتونية للرقابة وتأخرت 10 سنوات للتعتيم على معلومات عسكرية سرية تتعلق بالحرب تحت سطح البحر.

هـيئة الإذاعة البريطانية British Broadcasting Corporation (BBC) ومقرها لندن تأسست 1922، وتعد أقدم إذاعة وطنية بالعالم، وأكبر إذاعة بالعالم بعدد الموظفين (أكثر من 22000). تأسست BBC بميثاق ملكي وتُموّل برسوم ترخيص التلفزيون السنوية المفروضة على المنازل والشركات والمؤسسات البريطانية التي تستخدم البث التلفزيوني المباشر، مع عائداتها التجارية من إعلانات وبيع برامج وخدمات BBC دوليًا وتوزع أيضًا خدماتها الإخبارية الدولية باللغة الإنجليزية على مدار 24 ساعة. خلال الحرب العالمية الثانية (ساعد البث التلفزيوني بتوحيد الأمة)، وفي حقبة بعد الحرب العالمية الثانية والإنترنت أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشري، لعبت BBC دورًا بارزًا لصياغة الحياة والثقافة البريطانية. رغم شهرتها إلا ان أخبارها انتقائية ومتحيزة، فتُعمّي مظالمَ المسلمين ومذابحهم، بل وتدافع عن الجناة أعداء الإسلام كما في إجرام الصرب وبورما والهندوس ضد المسلمين الأبرياء العزل، وكما في غزو الغرب لأفغانستان والعراق، وجرائم القتل والتدمير لشعب غزة ومؤسساتها. ويبدو تحيزها بتكبير كل صغيرة إذا كان الفاعل مسلمًا، وتصغير كل كبيرة إذا كان الفاعل غير مسلم.  

شبكة أخبار الكيبل Cable News Network CNN (مقرها أتلانتا-أمريكا). تأسست 1980 كأول قناة إخبارية على مدار 24 ساعة بالولايات المتحدة.  وفي 2018، صار لها 90.1 مليون منزل تلفزيوني كمشتركين بالولايات المتحدة. تشتهر الشبكة بتغطيتها الحية الدرامية للأخبار العاجلة، والتي تعرّض بعضها لانتقادات باعتبارها مفرطة بالإثارة، وبالإنحياز الحزبي بتوازن مخطوء. وCNN International يشاهدها أكثر من 212 دولة. ولقد لعبت قناة الـCNN دورًا مهمًا قذرًا لتمكين أمريكا من غزو العراق، إذ قبضت رشوة هائلة لإبراز (نيّرة) فتاة كويتية 15 سنة وطالبت بعدم البحث عن هويتها لمنع الإنتقام من أهلها. أدلت (نيرة) أمام لجنة حقوق الإنسان في 10/10/1990 بعد شهرين من اجتياح (صدام) الغاشم للكويت، أدلت بأن الجنود العراقيين انتزعوا الأطفال من الحاضنات في المستشفى ورموهم على الأرض ليموتوا، فأبكت العالم كله!!! واستخدم بوش رئيس الولايات الأمريكية شهادة (نيرة) 10 مرات في خطابه وكانت الحجة لغزو العراق وتحرير الكويت أولاً، ومن ثم تحطيم دولة العراق بالكامل!!! واتضح بعد ذلك أن (نيرة) هي ابنة السفير الكويتي في أمريكا ولم تكن بالكويت أصلاً، ولم تشهد شيئًا وإنما دُرّبت لتقول هذه الكذبة التي مكّنت أمريكا من التحكم بالعراق!!!

https://www.bbc.com/arabic/middleeast-49208816

مجموعة رويترز Reuters Group هي شركة بريطانية متعددة الجنسيات للإعلام والمعلومات المالية مقرها لندن. استحوذت عليها شركة Thomson Corporation عام 2008 لتكون Thomson Reuters  ونقل مكتبها الرئيسي إلى تورونتو.

وتقوم الصحف اليومية الشهيرة: Times, Guardian, Independent بغسيل الدماغ الغربي يوميًا وتوحيد رؤاه. ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة (الإيميل والواتساب والفايبر والتلغرام والإنستراغرام وغيرها) كلها من نتاج الغرب. وتقوم هي أيضًا بتوحيد وغسل أدمغة مستمعيها وتقريب وجهات النظر للمجتمع.

وفي الغرب تقوم مؤسسة هوليوود Hollywood كأكبر مؤسسة سينما وإعلام أمريكي عملاق بغسيل دماغ العالم وتوحيد رؤاه.

وتكاتف المؤسسات المتعددة تواصل حثيث تعمل كالجسد الواحد عبر التلفزة والراديو والتليفون والبريد الممتاز عبر القطارات فوق الأرض وقطارات الأنفاق تحت الأرض والبواخر (نتاج الثورة الصناعية).

تأثير هوليوود العالمي: قوة أمريكا الناعمة

تعدّ ثقافة الصورة والتعلم من المرئيات والمسرحيات أقوى تأثيرًا من قراءة الكتب؛ ويُعدّ الفيلم وسط تواصل عالمي يوصل رسالةً لجمهور غفير، وتلعب صناعة السينما الدور الرائد في نظام الإعلام العالمي. تستحوذ الأفلام على الخيال والتحكم بأحاسيس الجماهير وغسل أدمغتهم وبرمجتها، وأفلام هوليوود تشكل ثقافة الصورة المتحركة الناطقة وتروّج لإمبريالية ثقافية أمريكية وقوة ناعمة تغزو السيادة الوطنية وتتلاعب بهوية الدول الأخرى. وللإعلام دور سياسي مضلل يحول القاتل لبطل قومي (كالمستعمرين الأمريكان قتلة الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين) ويحيل البطل الحقيقي لإرهابي مجرم (كنعت مقاومة الإحتلال الأمريكي بالإرهاب!). يُنظر لأمريكا على أنها القوة العظمى الوحيدة في العالم؛ يقول توماس فريدمان Thomas Friedman: "تسود العالم اليوم القوة الأمريكية والثقافة الأمريكية والدولار الأمريكي والبحرية الأمريكية". وصارت الثقافة الأمريكية صادرات رائدة للولايات المتحدة، تحاول خلالها بيع ثقافتها لدول العالم عبر هيمنتها على الثقافات الأخرى، إنها وسيلة ناعمة للاستعمار. وفقًا لجون توملينسون John Tomlinson: الإمبريالية الثقافية هي انتشار الحداثة modernity، فهي ليست عملية توسع ثقافي، بل عملية خسارة ثقافية، أي أن الإمبريالية الثقافية هي عملية للقضاء على ثقافة الأقليات أو الثقافات القديمة. وتجعل الإمبريالية الثقافية الثقافات المحلية تتلاشى بمرور الوقت.

صحيح أن اليهود الأمريكيين المهاجرين (كارل ليملي مدير Carl Laemmle of Universal، وأدولف زوكورAdolph Zukor of Paramount، وصامويل جولدوينSamuel Goldwyn of MGM ، الأخوة وارنر (Jack and Harry Warner Brothers WB)، لويس مايرLouis B. Mayer، وليم فوكس William Fox of 20th Century Fox، وهاري كوهنHarry Cohn of Columbia كانوا من مؤسسي استوديوهات هوليوود الرئيسية، إلى جانب آخرين لم يكونوا يهودًا (مثل توماس إينس Thomas Ince  أبو السينما الصامتةsilent film producer ، ماك سينيت أبو الكوميديا Keystone Studios King of Comedy، ووالت ديزني أبو الرسوم المتحركة Walt Disney pioneer of animation industry).

اشترى لويس Metro Pictures عام 1920 لإدخال الأفلام في مسارحه. وعندما احتاجت Metro النمو لمواكبة الطلب، اندمج مع شركة Goldwyn Pictures والاثنان اندمجا فيما بعد مع شركة ماير (يهودي ثري روسي المولد). وسميت شركتهم Metro-Goldwyn-Mayer. ورئيس MGM لويس ماير كان حريصًا أن يُنظر إليه كأمريكي. وشركات هوليوود الكبرى الثمانية يمتلكها ويديرها يهود. كما أن الكثير من الفنانين الأوائل يهود (إدوارد روبنسون Edward Robinson، وكيرك دوجلاس Kirk Douglas، ولورين باكال Lauren Bacall). يوجد مطار بكاليفورنيا، فيه تمثال (جون واين) اليهودي العنصري الذي صرح لمجلة بلاي-بوي: (أنا أؤمن بتفوق البيض لحين يتعلم السود المسؤولية... ولا أشعر أننا أخطأنا بأخذ هذا البلد العظيم من الهنود). وجون واين هو الذي استجلب كيرك دوغلاس، ثم تمكنا من إجتذاب فرانك سيناترا  Frank Sinatra ويول برينرYul Brynner  وأنجي ديكنسون  Angie Dickinson  (زوجة الموسيقي اليهودي برت بكاراش Burt Bacharach) لحظيرة يهود هوليوود. وهذا رابط لقائمة طويلة بالفنانين اليهود الأمريكان: 

https://en.wikipedia.org/wiki/List_of_Jewish_American_entertainers

وترك مؤسسو هوليوود اليهود بصماتهم على الثقافة التي أنشأوها: الأفلام الشعبية لتأكيد مشاركتهم في القيم الأمريكية واليهودية، وطمس الفوارق بين "اليهود" و"الأمريكان" لدمجهما في هوية واحدة.

ولدلالة الهيمنة اليهودية في هوليوود وثقت صحيفة Los Angeles Times لجنة نجوم الشاشة عند تسويتها العقود، حيث يتم توقيعها بالتتابع من قبل:

- رئيس :News Corp. Peter Chernin (يهودي).

- Paramount Pictures رئيس مجلس الإدارةBrad Grey (يهودي).

- الرئيس التنفيذي لشركة ديزني: روبرت إيغر (يهودي).

- رئيس شركة Sony Pictures مايكل لينتون (يهودي هولندي).

- رئيس Warner Bros هو باري ماير (يهودي).

- الرئيس التنفيذي لشركة CBS Corp هو ليزلي مونفيز Leslie Moonves (يهودي عمه أول رئيس وزراء لإسرائيل)،

- ورئيس MGM هاري سلون (يهودي).

- والرئيس التنفيذي لشركة NBC Universal  جيف زوكر (يهودي كبير).

وهيمنة اليهود الكبيرة لا تتناسب وعددهم خصوصًا بالصناعة السينمائية والإعلام والملاهي الليلية وفي السياسة، والاقتصاد، والقانون/المحاماة، وكذلك في مهنة الطب. وهوليوود على تواصل تام مع الساسة الأمريكان.

ويكاد الممثلون غير اليهود يُحرمون من جوائز الأوسكار وتسليط الأضواء عليهم، أمثال برت لانكاستر Burt Lancaster وروبرت ميتشام Robert Mitchum الذي صرّح بتضخيم المحرقة اليهودية، فوصفوه بمعاداة السامية والعنصرية والتعصب ضد النساء (anti-Semite, racist and sexist bigot)!  وللممثل والمخرج العالمي كلنت ايستوود Clint Eastwood (صاحب أفلام المغامرات الممتعة الهادفة لإحقاق العدالة) مقولة 1999: "لن أفوز أبدًا بجائزة الأوسكار". "أولاً وقبل كل شيء، لأنني لست يهوديًا. وثانيًا، لأنني أكسب الكثير من المال مقابل كل هؤلاء الكبار في الأكاديمية. وثالثًا، والأهم، لأنني لا أبالي". وفرض نفسه وصار يحصد الجوائز بعد ذلك وان كانت متاخرة. ويقال أن أفلام كلنت ايستوود كانت تستهوي الرئيس الراحل صدام حسين فيطبقها عمليًا على خصومه. كذلك، ميل جيبسون Mel Gibson معروف بكرهه لليهود، ولكنه فرض نفسه كمخرج وممثل سينمائي عالمي فاضطروا لتكريمه المتأخر بعد فيلمه الرائعBraveheart  (1995). وكذلك الممثل كيفن كوستنر Kevin Costner فرض نفسه كمخرج وممثل سينمائي ضد العنصرية في فيلمه الرائع Dances with Wolves  (1990).

وجريجوري بيك Gregory Peck لم يكن يهوديًا بل كاثوليكيًا من أب بريطاني وأم ايرلندية. وشارلتون هيستون Charlton Heston (نجم أفلام Death Wish) لم يكن يهوديًا رغم مديحه لهم في أفلامه بتأثير المشرفين والمخرجين اليهود.

كذلك أنتوني كوين  Anthony Quinn ممثل أمريكي/مكسيكي ولد في شيواوا (المكسيك) لأب أيرلندي وأم مكسيكية وكان يتقن عدة لغات، الأمر الذي ساعده لأداء الكثير من الشخصيات المكسيكية والأيرلندية. شارك ببطولة الكثير من الأفلام أشهرها فيلم الرسالة وفيلم أسد الصحراء وفيلم لورنس العرب. 

وفيلم الرسالة (The Message) الرائع: انتج بنسختين واحدة بالعربية والأخرى بالإنجليزية، أنتجه المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد (رحمه الله) بتمويل كويتي-مغربي-ليبي وباستشارة علماء الأزهر. النسخة العربية بطولة عبدالله غيث بدور حمزة بن عبد المطلب، أما النسخة الإنجليزية فمن بطولة أنتوني كوين بنفس الدور. وبلغت تكلفة إنتاج الفيلم للنسختين العربية والأجنبية حوالي 10 ملايين دولار أمريكي، وحققت النسخة الأجنبية وحدها أرباحًا تقدر بـ10 أضعاف هذا المبلغ. وترجم الفيلم لـ12 لغة.

لهوليوود دور مزعوم بانتشار بعض القيم العالمية كحرية التعبير والديمقراطية وحقوق الإنسان؛ وبقدر ما يستمتع المشاهد بقصة وتستهويه فكرة، ويستأنس بأفلام ذكاء المخابرات البوليسية (كأفلام كولومبو وشيرلوك هولمز)، ويدندن بأغنية فيترجم ذلك كله للواقع، فيتغير تفكيره دونما يدري. والسلبيات كثيرة كرائدة للموضة حيث يقوم الممثلون والممثلات في الأفلام بتصوير تسريحات الشعر والأزياء والمكياج كأداة للتأثير على أيديولوجية وثقافة سكان العالم. وجعلوا الممثلين نجومًا يقتدى بهم بالأقوال والأفعال وبالهيئة والأزياء ومن خلالهم نشر الزنا للاستئناس، والربا للفوائد المادية، والكحول للراحة، والسيجار للمقام، والمثلية لحرية الجنس، وسب الإسلام والمسيحية بحجة حرية التعبير (اليهودية محرم سبها قانونًا: عداء السامية!!!).  وتوثق الأفلام انتصارات الغرب والحلفاء على الألمان النازيين ومعاناة اليهود وتكررها لتراها جميع الأجيال.

وهناك ثلاث أفلام أمطرتها هوليوود بالأوسكار والإعلام لترويج المثلية الجنسية: المسلسل داينستي 1981-1989) Dynasty أعيد بثه 2017)؛ وفيلم فيلادلفيا Philadelphia (1993) عن مرض الإيدز يصيب موظفًا لأكبر شركات المحاماة بفيلادلفيا يخفي مرضه وأنه مثلي الجنس، ويبقى بالمنزل لإنجاز عمله. ويُطرد من الشركة التي تعمدت إخفاء أوراقه كعذر لفصله بسبب تشخيصه بالإيدز وشذوذه الجنسي. وفيلم Milk (2008) عن الناشط (هارفي ميلك)، أول شخص مثلي الجنس يُنتخب لمنصب عام بكاليفورنيا، ويجهر بحقوق المثليين.

بينما الفيلم البريطاني سيدة الجنة (The Lady of Heaven)2021، كتبه الشيعي المتطرف ياسر الحبيب عن تاريخ فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم لزرع الفتنة في العالم الاسلامي والفيلم يشكل تحالفًا خفيًا بين الغرب والتطرف الشيعي.

صار الإعلام الغربي الحديث يحظر ثلاثًا وينعت:

• بالإرهاب كل من يتحدث عن الإسلام الحقيقي والجهاد وإن كان تاريخيًا.

• بعداء السامية كل من يتكلم ضد اليهود.

• باللاإنسانية كل من يعارض المثليين.  

ختامًا لسرعة إفاقة الغرب من المصائب: توظيف التعليم المتميز وبعض ثماره (على سبيل المثال لا الحصر)

1. ضربة معلم The Know How وأصل القصة ان سفينة كبيرة تعطل محركها فاستعان أصحابها بالخبراء الموجودين ولكن لم يستطع أحد إصلاحها، فأحضروا رجلاً عجوزًا يعمل منذ شبابه بإصلاح السفن، ففحص المحرك بدقة، ثم اخرج مطرقة صغيرة من حقيبته، وبهدوء طرق جزءًا معينًا من المحرك. وبعدها عاد المحرك للحياة وقال: تم إصلاح المحرك. وبعد أسبوع تسلّم أصحاب السفينة فاتورة الإصلاح من العجوز وكانت المفاجأة، فقد طلب (١٠٠٠٠) دولار!  فقالوا: هذا المبلغ كبير جدًا، فهو لم يفعل سوى الطرق بالمطرقة.. لذلك طلبوا من العجوز فاتورة مفصلة. فأرسل العجوز الفاتورة التالية:

(الطَرْقُ بالمطرقة: دولار واحد. معرفة أين تطرق (9999) دولارًا.  إنها المهارة وليس الجهد يا سادة).

2. الإدارة الفائقة Efficient Management التي تستوظف الموارد القليلة لإنتاج الثروات الكثيرة:                

فنون الإدارة أهم من امتلاك الموارد. مثلاً تمتلك هولندا حوالي 2 مليون بقرة وتطعم منها العالم.. بينما يمتلك السودان 8 مليون بقرة وأهلها فقراء، بل ويستورد الحليب والألبان من هولندا بقيمة 100 مليون دولار سنويًا.  رغم أن مراعي السودان تساوي 4 أضعاف مساحة هولندا. ومع ذلك ما تدرّهُ البقرة الهولندية من أموال (14مليار دولار من تصدير الحليب فقط) يساوي نصف موازنة السودان تقريبًا والبالغة 24 مليار دولار.

 نكتة فن الإدارة: في سباق تجديف بين فريقين: عربي وياباني. كل قارب يحمل على متنه تسعة أشخاص، وبنهاية السباق وجدوا أن الفريق الياباني انتصر بفارق كبير. وبتحليل النتيجة وجدوا أن الفريق الياباني يتكون من 1 مدير قارب و 8 مُجدّفين؛ بينما الفريق العربي يتكون من 8 مديرين و1 مُجدّف. حاول الفريق العربي تعديل التشكيل ليتكون من مدير واحد مثل الفريق الياباني، وتمت إعادة السباق ثانيةّ. وفي نهاية السباق وجدوا أن الفريق الياباني انتصر أيضًا بفارق كبير جدًا (تمامًا كالسابق). وبتحليل النتيجة وجدوا أن الفريق الياباني يتكون من 1 مدير قارب و8 مجدفين، والفريق العربي يتكون من 1 مدير عام و3 مديري إدارات و4 رؤساء أقسام و1 مجدف، فقرر الفريق العربي محاسبة المخطئ: فتم فصلُ المُجدّف!!!

3. مرونة العمل من خمس أيام لـ4 أيام (التجربة الفنلندية) لإعطاء وقت أكبر للراحة وللتنمية الشخصية وزيادة الإنتاج

في 2020، طرحت رئيسة وزراء فنلندا (سانا مارين Sanna Marin) عمرها 34 عامًا، فكرة أسبوع العمل لمدة أربعة أيام. ابتكار يؤدي لتقليل أسبوع العمل وزيادة الإنتاجية. عندما اختبرت Microsoft Japan أسبوعًا مدته أربعة أيام، قفزت الإنتاجية بنحو 40٪. وجدت إحدى المنظمات في ملبورن أن يوم عمل مدته ست ساعات أجبر الموظفين على التخلص من الأنشطة غير المنتجة كإرسال رسائل بريد إلكتروني والجلوس في اجتماعات مطولة والعبث على الإنترنت. ومن الشركات البريطانية التي تحولت بنجاح إلى نظام أسبوع العمل لمدة أربعة أيام: Elektra Lighting و Think Productive و Portcullis Legals. قدمت مدينة جوتنبرج في السويد نظام يوم مدته ست ساعات لبعض الممرضات، وصارت الممرضات أكثر صحة وسعادة وحيوية. إن تقليل ساعات العمل مفيد أيضًا للبيئة الطبيعية، إذ يؤدي أسبوع العمل الأقصر لخفض كبير في بصمات الموظفين الكربونية في العمل، واستخدام موارد أقل في العمل. ولديهم المزيد من الوقت للطهي والتسوق بدل الاعتماد على الوجبات الجاهزة التي يتم توصيلها بعبوات بلاستيكية.

4. تصنيع أنواع البتروكيمياويات الغالية من البترول الخام الرخيص: كالإيثيلين والبروبيلين وهي مواد خام لصناعة البلاستيك. والبنزين والتولوين والزايلين وهي مواد خام لصناعة الأصباغ والمنظفات الصناعية. وتشمل المنتجات البتروكيماوية: اللدائن (البلاستيك) والمطاط والراتنجات والألياف الصناعية والمواد اللاصقة والأصباغ والمنظفات والمبيدات الحشرية، والدهانات والطلاءات المشتقة من البترول.

5. تصنيع أنواع الشوكولاته الباهضة الثمن من الكاكاو الرخيص: كشوكولاتة الطبخ، وكاكاو الشرب والشوكولاتة الساخنة، وحليب الشوكولاتة، وشوكولاتة النوتيلا، وزبدة الكاكاو، وحبيبات الكاكاو، ومسحوق الكاكاو، والشوكولاتة داكنة، والشوكولاتة بالحليب، والشوكولاتة البيضاء.

6. استخدام الفضلات البشرية (الغائط) بتجفيفها ككرات لتخصيب التربة، اذ توفر العناصرالأساسية لتغذية النبات مع مواد عضوية لتركيبة التربة وتقليل التعرية. وبالمعالجة الحرارية، نتخلص من جميع الجراثيم الضارة بالغائط لإنتاج أسمدة آمنة للزراعة.

7. تحويل البول ومياه المجاري لماء شرب: إذا كان تحويل مياه البحر المالح لمياه صالحة للشرب (في منشآت كبيرة للتبخير والتكثيف Desalination) إعجوبة علمية! فتحويل البول ومياه المجاري لماء صالح للشرب يعدّ اعجوبة الأعاجيب. وجاءت الفكرة من NASA لأن نقل أطنان المياه للمحطة الفضائية غير فعال ومكلف. وفي 2009، بدأ رواد فضاء NASA بإعادة تدوير بولهم باستخدام مجمع معالج البول، يمكنه استعادة 75% الماء من البول. ثم قام المهندسون بمركز جونسون للفضاء التابع لناسا بتحسين أنظمة إعادة تدوير البول على متن المختبر المداري من خلال دمج محلول كيميائي يسمى المعالجة البديلة للبولAlternate Urine Pretreatment or AUP). وفي لندن يتم توفير 70٪ من مياه الخزانات الكبيرة التي تجمع مياهها من نهر التايمز غرب المدينة لخزن المياه الجاهزة للمعالجة، لأن كل بلدة على نهر التايمز تصبّ مياه الصرف الصحي فيه لكنه يُعالج في لندن بعد إعادة تدويرها 7 مرات (الترشيح أو الغليان لا يُنقّي المياه)، ليصبح الماء صالحًا للشرب، ويستعاد 90٪ من مياه الصنبور بعد  إعادة تدوير مياه الصرف الصحي.

8. وفي مصيبة جائحة الكورونا، وُظـّف العلمُ لأنقاذ أرواح البشر في لقاحات تسارع الزمن.

9. إنتاج الطاقة البديلة والكهرباء من النفايات: تحرق (محطة التحويل) النفايات إلى طاقة النفايات الصلبة المحلية (MSW)، لإنتاج البخار في غلاية تُستخدم لتوليد الكهرباء. وMSW عبارة عن مزيج من المواد الغنية بالطاقة كالورق والبلاستيك ونفايات الحدائق والمنتجات الخشبية. لكل 100 رطل من النفايات الصلبة المحلية بأمريكا، يمكن حرق 85 رطلاً كوقود لتوليد الكهرباء. هناك أنواع مختلفة من تقنيات تحويل النفايات إلى طاقة أشهرها نظام الاحتراق الجماعي، حيث يتم حرق MSW غير المعالج بمحرقة كبيرة مزودة بغلاية ومولد لإنتاج الكهرباء (الصورة).

10. ثقافة التخلص من النفايات والقمامة وابتكار إعادة التدويرCulture of Waste/Garbage Disposal and Culture of Recycling

بسبب الإنتاج المفرط للسلع قصيرة العمر ليجبروا المستهلكين الاستمرار بإعادة شراء السلع، نشأ ما يسمى بمجتمع الإقصاءthrow-away society وهذا أدى لتكدّس الحاجات مما يحتم التخلص من المنتجات الغير مصممة للاستخدام مدى الحياة. وأشارت دراسة 2004 أجرتها جامعة أريزونا أن 40-50٪ من جميع الأطعمة الصالحة للأكل لا تؤكل أبدًا. وتقدر قيمة الطعام الصالح للأكل بـ 43 مليار دولار يُتخلص منه سنويًا. وغالبًا ما يتم شحن القمامة الناتجة عن ازدياد المنتجات من الدول الغنية للدول الفقيرة، مما أحدث مشاكل بيئية واجتماعية للدول النامية، كشحنات النفايات الكبيرة من أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية إلى إفريقيا وآسيا بسبب التكلفة المنخفضة نسبيًا للتخلص منها هناك. وبحلول التسعينيات، واجهت نصف دول إفريقيا سلبيات النفايات السامة التي ألقتها البلدان الغنية. والنفايات، السامّة والغير سامة، تُرمى بلا محاذير السلامة بمدافن نفايات غير منظمة فتلوث التربة والمياه، وحتى حرقها يؤدي لانتشار السموم بالهواء. وفي الآونة الأخيرة، زادت النفايات الإلكترونية بسبب كثرة استهلاك الأجهزة الإلكترونية في أمريكا الشمالية وأوروبا، حيث يتم شحن وإسقاط مئات الشحنات الإلكترونية القديمة في لاغوس (نيجيريا) كل شهر. وتتلقى الصين أيضًا كميات هائلة من النفايات، غالبيتها سامة، بمعدل 1.9 مليون طن سنويًا، لأن الشركات تجد ذلك أرخص. وانتقد فرانسيس (بابا الكنيسة الكاثوليكية) ثقافة الإقصاء، بأنه حتى الأرواح البشرية صار يُتخلّص منها كالذين لم يولدوا بعد والمسنين والفقراء، كنفايات! وناقش التلوث والنفايات وعدم إعادة التدوير وتدمير الأرض كأعراض لهذه الثقافة المهملة. وأشار لمخاطر هذه الثقافة فيما يتعلق بالهجرة.

مادة (البلاستيك) من صنع الإنسان وتجدها في الأرض والهواء وأعماق المحيط. وتشق طريقها للسلسلة الغذائية، فتغلغل بأجسامنا، وتتدفق بدمائنا، حتى تجدها بالمشيمة البشرية. ينتج العالم 380 مليون طن البلاستيك سنويًا. ويتم تدوير 16٪ من نفايات البلاستيك لصنع مواد بلاستيكية جديدة.

قائمة المنتجات الرائعة المصنوعة من مواد بلاستيكية معاد تدويرها: تُجمع الأكياس والأغلفة البلاستيكية لإعادة تدويرها وتحويلها لخشب بلاستيكي يستخدم بصنع مقاعد المنتزهات، وأسوار الحدائق والملاعب والأكياس. يمكن تحويل الزجاجات البلاستيكية للمشروبات الغازية والعصير والماء إلى: قمصان وملابس الرياضة والسباحة البلاستيكية وسترات وسترات عازلة، وأكياس النوم، والحصير وبساط رعاية أطفال وخيام النزهات، وحقائب التسوق، وحقائب الجرّ اليدوي. وسندانات وأدوات للزارعة (مصنوعة من إطارات معاد تدويرها). والأحذية الطبيعية والمعاد تدويرها مصنوعة من الصوف والزجاجات البلاستيكية المعاد تدويرها والكرتون. ولعب صديقة للبيئة. والجوارب السويدية المشبكة، والبطانيات الصديقة للبيئة، وحاويات فرز النفايات البلاستيكية، ومواد البناء والأثاث البلاستيكي، وحقائب الظهر، وزعانف التزلج، وأكواب معاد تدويرها للمناسبات. في الولايات المتحدة يُعاد تدوير قرابة 29.3 % من الزجاجات البلاستيكية. تحوّل أغطية الزجاجات البلاستيكية إلى بطاريات للسيارة، وأدوات تنظيف حدائق، وحاويات تخزين، وأكياس التسوق، والحبال، والمكانس والمزيد من أغطية الزجاجات. تحوي الرغوة البلاستيكية (Foam Packaging) 95٪ هواء! وتسند الأجهزة أثناء انتقالها من المصنع للمتجر والمنزل.

 


عدد القراء: 3124

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

التعليقات 4

  • بواسطة الأستاذ سيف عبد الله من بريطانيا العظمى
    بتاريخ 2022-06-10 07:29:54

    مقالة رصينة رائعة ومعلومات قيمة ومخفية عنا. والله نحن نتعلم وناخذ من الغرب القشور ونترك اللب والاساس فبناء الدول لا يقوم الا بالتعليم والاعلام وما فضل الله ادم على الملائكة والخلق أجمعين الا بالعلم. وما قيمة العلم الا بالتعليم وتطبيقات العمليه ونشره بالإعلام. ندعو الله المؤلف باتمام هذه المقالات المهمة في تقدم الغرب لنتعلم نحن المسلمون منها. بارك الله في الكاتب ومدّ في عمره.

  • بواسطة الدكتور محمد كامل محمد من العراق
    بتاريخ 2022-06-03 05:51:30

    الزميل الجراح الدكتور مهند وكما عرفته... باحثا ومتفكرا ومبدعا في ما ينفع. المقالة مهمة للقاريء العربي فقد وضح فيها الكاتب اهمية ان يطلع القاريء العربي على الكيفية التي تم فيها توظيف الاعلام الغربي الموجه اتجاه المنطقة وبالاخص الشرق الاوسط. معلومات المقالة رصينة ومبوبة ومن مصادر موثوقة. أسال الله للزميل العزيز المزيد من النجاح والتقدم

  • بواسطة د. زكي القدسي من المملكة المتحدة
    بتاريخ 2022-06-01 18:56:14

    مقال رائع آخر للدكتور مهند الفلوجي ثري بالمعلومات والاستنتاجات المعبرة عن جزء من واقع العالم الذي نعيشه . نعم التعليم والاعلام والاقتصاد عصب قوة المجتمعات المهيمنة على غيرها الضعيفة ولا تسمح لها بالتقدم ولو بخطوة دون الاعتماد عليها . صحيح الاعلام الغربي فيه من الحقائق والتأثير ما هو كبير وفيه من التضليل ما يوظف لمصالح وامور خلف الستائر .وسيطر عليه من قلة من اعداء الاسلام . نشروا الافكار والموضات والقدوات التي لا ترقى الى مستوى البشر من المثلية والتعري والكحول والمخدرات والربى وغيرها الكثير يغذيها الاعلام الفاسد الذي دخل الى غرف نومنا عبر الشبكات العنكبوتية ، بل اصبحت عندهم معلومات وميول كل شخص . الحضارات التي اندثرت رغم قوتها المادية وهيمنتها افتقرت الى العدل والقيم وحب الخير للغير ، واعتمدت على القوة المادية والظلم وتشويه الحقائق ولم تعلم ان هناك سنن للخالق لن تجد لها تبديلا ( حتى اذا نسوا ما ذكروا به اخذناهم بغتةً فإذا هم مبلسون ).

  • بواسطة عبدالرحيم سرهيد خلف شعيب من الإمارات العربية المتحدة
    بتاريخ 2022-06-01 05:36:29

    lمقالة علمية رصينة ، شديدة النفع ، حرية للقراءة ، وبالامكان الاستفادة من كثير مما طرحه الباحث الكريم ، ويا حبذا لو اقترح أو ركز الباحث على الافراد وعموم الناس لأن هؤلاء الشريحة هم من بامكانهم ان يعملوا التغيير ان اقتنعوا بالفكرة المطروحة، وفقك الله الباحث في مسعاه

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-