من يتحدث باسم الإسلام؟ رأي مليار مسلمالباب: مراجعات

نشر بتاريخ: 2015-11-17 11:58:56

د. عمر عثمان جبق

سلطنة عمان- جامعة التقنية والعلوم التطبيقية، كلية التربية بالرستاق (قسم اللغة الإنجليزية وآدابها)

الكتاب: من يتحدث باسم الإسلام؟ رأي مليار مسلم

المؤلف: جون إل. إسبوسيتو  وداليا مجاهد

مراجعة: عبدالكريم عبدالله - المعهد الدولي للدراسات الإسلامية المتقدمة

ترجمة: عمر عثمان جبق

 

يقول جون إل. إسبوسيتو و داليا مجاهد في كتابهما بعنوان  من يتحدث باسم الإسلام؟ رأي مليار مسلم إن "هناك خلطًا ما بين الإسلام وأغلبية المسلمين العاديين من جهة ومعتقدات الأٌقلية المتطرفة وأفعالها من جهة ثانية." (ص. 10). يعبر هذا الكتاب عن صوت " الأغلبية الصامتة " من المسلمين الذين نادرًا ما يبادرون في التعبير عن آرائهم. ويوضح الكتاب عدم تمثيل الأقلية المتحدثة للأغلبية. ويعد هذا الكتاب الذي يقع في 204 صفحات كتابًا شاملاً وواضحًا وخاليًا من اللغة الفنية المعقدة مما يجعله سهلاً  لشريحة كبيرة من القرّاء.

جون إل. إسبوسيتو بروفسور جامعي؛ فهو أستاذ الأديان والعلاقات الدولية وأستاذ الدراسات الإسلامية والمدير المؤسس لمركز الأمير الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي المسيحي في كلية والش للخدمات الأجنبية Walsh School of Foreign Service في جامعة جورج تاون Georgetown University. ويعد باحثًا أمريكيًّا بارزًا لديه العديد من المنشورات تشهد بفضله. داليا مجاهد هي كبيرة المحللين والمدير التنفيذي في مركز جالوب للدراسات الإسلامية Gallup Center for Muslim Studies.

وقد ألقى البروفسور إسبوسيتو مؤخرًا محاضرة في المعهد العالمي للدراسات الإسلامية المتقدمة في ماليزيا ألقى الضوء فيها على التغيرات السريعة التي تجتاح الولايات المتحدة الأمريكية و جزءًا  كبير من المجتمع المسلم. ومن بين تلك التغيرات البارزة الوعي المتزايد للمسلمين، ومشاركتهم في شؤون وقضايا بلدانهم. وفي الوقت الذي تتواصل فيه مشكلات التحرش والتمييز بالاستمرار، فإن المسلمين يقطعون خطوات مهمة، خاصة جيل الشباب الذي يمتاز بثقة بالنفس أكبر وبالقدرة على التعبير والفصاحة أكثر، ويمتاز أيضًا بثقافة واندماج أكثر، ويبدو أن لديه أعمالاً مهنية أفضل أيضًا.

يعد كتاب من يتحدث باسم الإسلام؟ "تحليلاً مدعومًا بالبيانات" لدراسة مسحية أجراها مركز جالوب خلال الأعوام من 2001 إلى 2007. وتألفت الدراسة الأضخم من نوعها من 50000 مقابلة مباشرة لمدة ساعة واحدة مع مسلمين من مختلف مجالات الحياة في 35 بلدًا يمتاز بأغلبية مسلمة. وتم إجراء مقابلات مع ألف شخص في كل بلد باستخدام طريقة العينة العشوائية الطبقية. وتقدم الدراسة عينة تمثل 90% من مسلمي العالم البالغ عددهم 1.3 مليار. وتعد النتائج صحيحة من الناحية الإحصائية مع هامش زيادة أو نقصان يبلغ ثلاث نقاط. ويعد كتاب (من يتحدث باسم الإسلام؟) تحليلاً لنتائج تلك الدراسة المسحية. و يتألف من مقدمة وخمسة فصول. وهناك خاتمة مختصرة في الفصل الخامس. ويقدم الملحق ( أ ) تفاصيل تصميم الدراسة وإجرائها تحت عنوان "التصميم المنهجي واختيار العينة" و "رحلة مركز جالوب لاستطلاع العالم" و يقدم الملحق (ب) لمحة عن مؤسسة جالوب، كما وهناك ملخص على شكل نقاط في نهاية كل فصل، باستثناء الفصل الأخير، يقوم بتسليط الضوء على الأفكار الرئيسة. وتأتي الحاشية في نهاية الكتاب.

تلخص المقدمة التي تحمل عنوان "الأغلبية المسلمة الصامتة" كيف أن قسمًا متطرفًا متكلمًا قد أسكت أصوات الأغلبية الساحقة للمسلمين المعتدلة التي تمثل 93%، في حين يشكل القسم المسلم المتطرف 7% فقط. وكان المعيار المتبع للتمييز بين المعتدلين والمتطرفين هو تعريف المتطرفين على أنهم الأشخاص الذين يعتقدون أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر كانت "مبررة تبريرًا كليًّا".

ففي الفصل الأول بعنوان "من هم المسلمون" نتعرف على معتقدات المسلمين وممارساتهم و قيمهم؛ فالمسلمون يؤمنون برب واحد، هو رب إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم جميعًا، ويمارسون عقيدتهم من خلال الصلوات الخمس في اليوم الواحد ودفع الزكاة للفقراء والصيام والحج إلى مكة إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. وتقدر الأغلبية الساحقة للمسلمين ديانتهم تقديرًا كبيرًا (ص 5 ). وتمتاز أيضًا بالتزامها الشديد بعوائلها. ولدى سؤال الأغلبية عن أكثر شيء يعجبها في الإسلام قالت: "التزام الناس الصادق بالإسلام" (ص 6). وبالمقابل ولدى سؤال المسلمين عن أكثر شيء لا يعجبها في المجتمعات الغربية ذكروا الفسق وانهيار العوائل المرافق لذلك.

ويكتشف الفصل الثاني بعنوان "الديمقراطية أم الحكومة الدينية؟" وجهات نظر المسلمين عن الإسلام والسياسة. هل الديمقراطية متوافقة مع نظام الحكم الإسلامي؟ عادة ما يحب المسلمون الديمقراطية، وحرية الكلام، ويرغبون برؤية المزيد من هذه المثل في معظم بلدانهم. ويحبون أيضًا التقدم في العلوم والتكنولوجيا؛ ولا يريد المسلمون في معظم البلدان المسلمة أن تكون الشريعة مصدر القانون الوحيد، باستثناء مصر وباكستان والأردن وأفغانستان وبنجلادش، على الرغم من أن معظمهم يريدون للشريعة أن تكون إحدى مصادر القانون. ومن المثير أيضًا هو أن نصف الأمريكان تقريبًا يريد أن يكون الإنجيل أحد مصادر القانون في بلدهم. وتظهر الدراسة المسحية بأن المسلمين المتطرفين سياسيًّا يبدو أنهم يأتون من خلفيات علمانية (ص 73). وفقط أقلية صغيرة جدًّا (7% ) من المسلمين تعد الهجمات الإرهابية مبررة.

ويبحث الفصل الثالث بعنوان "ما الذي يصنع المتطرفين؟" في الأسباب الرئيسة لغضب المسلمين. وأبرز هذه الأسباب الاستياء من الهيمنة الغربية، والمظالم التي تقترفها القوى الرئيسة بحق المسلمين. ويعد التمييز العنصري ضد المسلمين في بلدان ذات أغلبية غير مسلمة ( ص 9 )، والتصوير النمطي السلبي الذي تظهره وسائل الإعلام بشكل بارز بعضًا من مظالم المسلمين تلك. كما ويستاء المسلمون من التجاوزات على مشاعرهم الإسلامية إن كانت على شكل إهانات لدينهم (الرسوم الكرتونية للرسول محمد صلى الله عليه وسلم ) وغزو أراضي المسلمين أو ببساطة قلة الاحترام. وما يقلق المسلمون أيضًا هو الإذلال المستمر لهم، وهو ما يرونه هجمات غير مبررة على المسلمين، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي القائم، والاحتلال المستمر لأراض المسلمين، وما يرونه معايير مزدوجة يمارسه صناع السياسة الغربيون. ويرى كثير من المسلمين أن الحرب على الإرهاب هي حرب على الإسلام.

ويظهر الفصل الرابع بعنوان "ماذا تريد النساء؟" أنه على الرغم من أن النساء المسلمات يردن حقوقًا متساوية، إلا أنهن يردن أيضًا وجود الدين في حياتهن ومجتمعاتهن. "لا تعد النساء المسلمات الإسلام عائقًا أمام تقدمهن؛ فكثير منهن تراه مكونًا مهمة من مكونات ذلك التقدم" ( ص 114 ). وأفضل طريقة للتشجيع على الإصلاح في العالم المسلم هي من خلال الاستعانة بالمبادئ الإسلامية. هناك ممارسات شاذة عديدة محرمة في الإسلام كالقتل من أجل الشرف والتشويه التناسلي. لا تشعر أغلبية النساء اللاتي تم استطلاعهن بأن الشريعة تمارس التمييز ضدهن. ومع أن النساء المسلمات "يحبذن المساواة بين الجنسين" إلا أنهن قد يرغبن بذلك حسب شروطهن وضمن سياقهن الثقافي الخاص" (ص 107 ).

ظهر رهاب الإسلام في الغرب، وظهرت معاداة أمريكا في العالم العربي والمسلم وهما يستمران في التفاقم. يعرض الفصل الخامس بعنوان "الصدام أم الوجود المشترك؟" عددًا من الخرافات عن الإسلام. وإحدى هذه الخرافات عدم وجود إسلام "معتدل"، أو الإسلام دين غير عقلاني ينمو على العنف (ص 9 ). "لكنّ إلقاء اللوم على الإسلام جواب بسيط؛ أسهل و أقل جدلاً من إعادة النظر في القضايا السياسية الجوهرية والمظالم التي تحدث كثيرًا في العالم المسلم" (ص 136). وهناك خرافة أخرى وهي أن أوروبا تتحول إلى "أوروبا العربية المسلمة Eurabia"  (ص 138). إلا أن الخرافة الأكبر على الإطلاق هي أن الغرب والعالم المسلم هما في حالة صراع حضارات. إلا أن كتاب (من يتحدث باسم الإسلام؟) يناقض نظرية صامويل هانتينجتون Samuel Huntington  التحذيرية بحتمية الصراع بين الغرب والعالم المسلم. وكما يقول إسبوسيتو والسيدة داليا مجاهد، "إن الصراع بين المجتمعات المسلمة والغربية بعيد عن الحتمية (أي غير وارد )" (ص 11). ويتطلب حل الصراعات الوعي والإدراك ونشر المعرفة واحترام الاختلاف. ويتطلب ذلك أيضًا الحوار والاستماع لوجهات نظر الآخر.

وقد تكمن قوة هذا الكتاب الكبرى في محاولته التغلب على الجهل من خلال نشر الحقائق عن الإسلام والمسلمين. ومن هنا فإن هذا الكتاب يساهم في حل الصراعات بين الأمم سلميًّا. وسيجد المهتمون بالتحرر من الكم الهائل من الخرافات عن الإسلام والمسلمين كتاب( من يتحدث باسم الإسلام) كتابًا قيمًا جدًّا، ويعد هذا الكتاب علاجًا ناجعًا لندرة المعلومات عن الإسلام؛ و ذلك بالنظر إلى المعلومات القليلة لدى الغرب بشكل عام، والأمريكان بشكل خاص، عن الإسلام؛ إذ إنه يلبّي حاجة ملحة. ولنأمل أن يتلقاه عدد كبير من القراء الذين يستحقهم لأنه كتاب يوصى بقراءته بشدّة.   


عدد القراء: 6888

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-