ترشيد وحسن استخدام الكهرباءالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2016-02-15 07:39:36

أ.د. عبد الله بن محمد الشعلان

قسم الهندسة الكهربائية - كلية الهندسة - جامعة الملك سعود - الرياض

الكل مني يعي بأن في قرآننا المنزل آيات كريمة تنبذ الإسراف، وتنهى عن التبذير، وتحث على المحافظة على النعم التي أنعم بها علينا الإله جل علاه، واستخدامها الاستخدام الأفضل. ومن هذه الآيات قوله تبارك وتعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) الفرقان: 67، وقوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف: 31، وقوله عز من قائل: (وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) الإسراء: 26، (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء: 27.

ولعل من هاته النعم الكثيرة التي أفاء الله بها علينا  نعمة الكهرباء، والتي كان لاكتشافها أثر عميق في تغيير مناحي الحياة الإنسانية وتغيير أنماطها ومستوياتها، ومنذ ظهور ذلك الاكتشاف العظيم سار ركب التقدم والمدنية قدمًا مع تطور الاكتشافات والاختراعات التي استجدت تباعًا في مجالات الكهرباء واستخداماتها وتطبيقاتها المتعددة، فإذا اعتبرنا أن الماء والهواء هما العنصران الأساسيان لاستمرار الحياة، فإن الكهرباء – بلا شك- هي العامل الأساس لاستمرار التقدم والرخاء، فقد دخلت الكهرباء كل أنماط الحياة وازدادت الحاجة لها والاستفادة منها والاعتماد عليها في المنازل وفي المدارس والمكاتب والمتاجر وفي المشاريع الصناعية والتجارية والزراعية واستخدمت في وسائل النقل والاتصالات والطب والتدفئة والتسخين والتبريد وفي شتى مجالات الحياة، ذلك لأن الطاقة الكهربائية تتحول بسهولة إلى أشكال من الطاقة وبمردود ذي كفاءة عالية كالطاقة الحرارية والحركية والصوتية والضوئية، إلخ.

ونظرًا لمميزات الطاقة الكهربائية التي من أهمها إمكانية نقلها إلى أماكن نائية وبساطة استخدامها وسهولة التحكم فيها ونظافتها وعدم وجود مخلفات لها ومستوى موثوقيتها العالية فقد تزايد استخدامها بشكل سريع حتى إنها أضحت تسهم حاليًا (في كثير من البلدان) بما يعادل 60 % من إجمالي الطاقات المستخدمة، وعلى المستوى العالمي فإن الطلب على الطاقة الكهربائية قد نما، وسيستمر في النمو وبمعدل أعلى من الطلب على الطاقات الأخرى، كما سيشهد المستقبل تزايد نسبة استخدام الطاقة الكهربائية، حيث إنها تمثل العنصر الأساس للتطور والنماء والعمود الفقري للتنمية والرخاء.

وبناء على ذلك فإن برامج إدارة الطلب على الكهرباء والترشيد تعد الآن من أهم الاعتبارات التي تؤثر ليس فقط على إستراتيجيات شركات الكهرباء ولكن أيضًا على خططها وبرامجها. ولقد أثبتت الدراسات (في بعض الحالات) أن برامج إدارة الطلب على الكهرباء وترشيد الطاقة يعد بديلاً منافسًا ومجديًا مقارنة بالخيار الذي يعتمد على إنشاء محطات التوليد ومد خطوط النقل وتوسع شبكات التوزيع، بل يمثل حلاً مثاليًّا لمواجهة النمو المطرد في الأحمال الكهربائية المستقبلية.

ظهر مفهوم ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية منذ ثلاثة عقود، وخلال هذه المدة بدأ هذا المفهوم يتسع ويتبلور حول المحافظة على هذه الطاقة وحسن استخدامها وتطوير كفاءة الأجهزة والمعدات الكهربائية المستهلكة للطاقة. وبالإضافة إلى ذلك برز عامل مهم مؤثر على إستراتيجيات الطاقة الكهربائية يتمثل في ضرورة المحافظة على البيئة وحمايتها من التلوث والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وتخفيض انبعاثات الغازات السامة، ومنها غازاتأكاسيد الكربون والكبريت والنيتروجين المنبعثة من جميع المصادر ومن بينها محطات توليد الكهرباء، التي تعمل بالوقود الأحفوري (الفحم والغاز والبترول ومشتقاته). ولقد عزز هذا المفهوم برامج ترشيد الطاقة وإدارة الأحمال والاتجاه نحو زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة والمتجددة، (أي ما يعرف بالطاقات النظيفة والصديقة للبيئة).

وتدل التجارب دائمًا على أن سن القوانين ووضع القواعد لحسن استخدام الطاقة الكهربائية وترشيد استهلاكها بالطرق المثلى، قد لا يكون وحده كافيًا لتوعية وتعويد وتطويع المستهلكين على اتباع أفضل الطرق وأجداها لاستغلالها وحسن استخدامها، إذ لابد أن تكون ثمة قوة فاعلة لإنفاذ تلك القواعد والقوانين. لقد أصبح من المؤكد أن ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية قد أضحى من القضايا المهمة التي باتت هاجسًا يشغل بال كل من جهة الإمداد (شركة الكهرباء) وجهة الطلب (المشتركون)، بحيث يمكن القول بأن دراسة هذا الموضوع بشكل علمي وتطبيقي وتوعوي أصبح مطلبًا ملحًّا لمجابهة ظاهرة النمو المتسارع في الطلب على الطاقة الكهربائية، ومن ثم تحقيق الاستخدام الأمثل لإمكانيات النظم الكهربائية وتخفيض نفقاتها الرأسمالية والتشغيلية، كذلك تحقيق الاستخدام الاقتصادي الأمثل للوقود مما سيؤدي حتمًا إلى تقليص التكاليف عن كاهل شركات الكهرباء ومشتركيها على حد سواء بالإضافة إلى حماية البيئة من الغازات والتلوث.

إننا نحن مستهلكو الطاقة الكهربائية لنا دور مهم ومحسوس في عملية ترشيد استهلاك هذه الطاقة الثمينة وعدم هدرها وإضاعتها وأنها كأي طاقة أو مادة حيوية يجب أن تراعى وأن لا تصرف إلا في وجهات ومناح سليمة، وربما أن  البعض (هداهم الله) قد لا يدرك الجهود الكبيرة التي تضافرت والأموال الطائلة التي أنفقت في سبيل إيجاد هذه الطاقة المهمة لتتاح سهلة ميسورة للجميع، ثم يعمد غير واع أوعابئ بالإسراف في استخدامها وإهدارها وتبذيرها فيما لا يجدي ولا يفيد، لذا يجب سن ضوابط وأسس لترشيد الاستهلاك ووضعه ضمن إطار منظم يوفر للمستهلك وضمن حدود استطاعته التمتع بهذه الطاقة (بل النعمة) في حياته ومعاشه ولكن عليه في ذات الوقت أن يتحمل تبعة أي إسراف أو هدر قد يحدث من جانبه.

ولعله يجدر بنا – ونحن في هذا السياق عن ترشيد الكهرباء - أن نعي ونتذكر أن الله تبارك وتعالى قد أفاء على بلادنا، وحباها بنعم وخيرات كثيرة لا تعد ولا تحصى، ومن أعظمها وأهمها بعد نعمة الإيمان والأمن توفير الكهرباء التي أصبحت تمس كافة جوانب حياتنا اليومية مما حدى بالدولة إلى استثمار أموال ضخمة في إنشاء مشاريع البنى التحتية وتأمين كافة الاحتياجات والمتطلبات لقطاع الكهرباء، الذي بات يشهد تناميًا متسارعًا عامًا بعد عام مما يعني الحاجة إلى المزيد من الاستثمارات والنفقات لمواكبة الطلب على هذه الخدمة الأساسية التي يجب علينا حسن استخدامها وترشيد استهلاكها والمحافظة عليها.

وفيما يلي استعراض شامل للقوانين والتشريعات واللوائح والتعليمات التي صدرت عن جهات حكومية مسؤولة بخصوص الإجراءات الرئيسية اللازم تبنيها وتطبيقها والالتزام بها لترشيد الطاقة الكهربائية والمحافظ عليها في مملكتنا الغالية.

تطلب هذا الأمر التفكير جديًّا من قبل جميع الإدارات المعنية في قطاع الكهرباء (حكومية وأهلية) بالتعاون والتنسيق معًا بما يحقق توعية المستهلكين بترشيد استهلاك الكهرباء والحد من هدر تلك الطاقة الثمينة والحفاظ عليها من جهة والسعي نحو رفع كفاءة الاستهلاك وتحسين أداء الأجهزة الكهربائية وتوفير الخسائر والتكاليف من جهة أخرى، وفيما يلي بعض الجهود التي بذلت في هذا السياق.

أولاً:   الخطط والنظم والتشريعات المعمولة

1-1 الخطة الوطنية لترشيد استهلاك الكهرباء بالمملكة

تطلب هذا الأمر التفكير جديًّا من قبل وزارة المياه والكهرباء القيام بإعداد خطة وطنية شاملة في مجال ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية تهدف إلى الحد من هدر تلك الطاقة الثمينة والحفاظ على مصادرها من جهة والسعي نحو رفع كفاءة الاستخدام وتحسين أداء الأجهزة الكهربائية وتوفير الخسائر والتكاليف من جهة أخرى، لذا شرعت الوزارة في إعداد هذه الخطة الوطنية الشاملة لترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية في المملكة للقطاعات السكنية والتجارية والصناعية والحكومية وكافة المرافق الخدماتية الأخرى، ومن المأمول أن تحقق هذه الخطة الوطنية جدوى فاعلة في تقليل الزيادة المطردة في الأحمال القصوى وتحسين أداء وكفاءة الأجهزة والمعدات الكهربائية وتخفيض تكاليف التركيب والتشغيل والصيانة لمرافق الكهرباء، كما أن الوزارة قامت بإطلاق حملة توعية حول أهمية تطبيق العزل الحراري في المنشآت العمرانية نظرًا لما للعزل من أهمية كبيرة ودور فاعل في توفير الطاقة الكهربائية والمحافظة عليها. كما أنشأت في الوزارة إدارة مختصة بالتوعية والترشيد قامت بجهود كبيرة وخطوات حثيثة في هذا المجال برزت في العديد من المحاضرات والكتيبات والأفلام والصور والمعارض والحملات التوعوية والندوات والمطبوعات، أيضا قامت الوزارة بإطلاق حملات توعية في جميع أرجاء المملكة بالتثقيف والتبصير بأهمية ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية ورفع كفاءة استخدامها تستهدف تخفيض الهدر وتوفير الطاقة على مدى سنوات قادمة.

1-2  كود البناء السعودي

صدور قرار مجلس الوزراء السعودي الموقر بشأن العمل نحو إعداد كود بناء موحد من شأنه تطوير قطاع البناء والتشييد والرقي به في ظل الظروف والتطورات التقنية والعلمية المستجدة محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا. واستجابة لهذا القرار فقد تم العمل فعلاً بإعداد كود البناء السعودي الموحد على أسس تكفل ملاءمته لظروف المملكة وإمكاناتها واحتياجاتها. ولقد أشرفت على إعداد وصياغة هذا الكود وزارة الشئون البلدية والقروية بالتعاون مع جهات مختلفة من الدوائر الحكومية ذات العلاقة والجامعات والشركات والقطاع الخاص والمكاتب الهندسية والاستشارية. ويشتمل كود البناء السعودي على مجموعة من القوانين والنظم الإدارية والفنية المتعلقة بالبناء والمبنية على القواعد العلمية والهندسية الحديثة، وذلك لضمان الحد المقبول من معايير السلامة والصحة والجودة والراحة والتكلفة، مع الأخذ في الحسبان خواص المواد والظروف الطبيعية المحلية ومتطلبات الحماية من الحريق والأخطار الطبيعية كالزلازل والأمطار والرياح والعواصف البرقية.

1-3 المواصفات القياسية لكفاءة الطاقة للأجهزة الكهربائية

جاءت الحاجة الملحة لإعداد مواصفات قياسية لكفاءة استهلاك الطاقة لبعض الأجهزة الكهربائية المنزلية الشائعة الاستخدام (مثل الثلاجات والمجمدات والغسالات والمكيفات) من خلال دراسة مكثفة وشاملة مبنية على احتياجات المستهلك والسعي نحو تثقيفه وتوعيته عند شرائه لتلك الأجهزة الكهربائية والتعرف على مدى كفاءتها وجودتها وأدائها بالمقارنة بأمثالها في السوق المحلي قبل إتمام عملية الشراء. وفي هذا السياق قامت الجهة المسؤولة في هذا الشأن، وهي الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة بمساع حثيثة في مجال إعداد مواصفات قياسية تركز على تطوير وإيجاد بطاقات (على شكل ملصقات) تبين مستوى كفاءة تلك الأجهزة حين الاستخدام، مقارنة مع منتجات أخرى مماثلة لها. إن تصميم المعلومات والبيانات التي تحتويها البطاقة مبنية ومعتمدة على المواصفات المحلية المعدة لتلك الأجهزة، كما تشتمل بطاقة كفاءة استهلاك الطاقة على معلومات وبيانات متعلقة بالمنتج ذاته من شأنها أن تعكس فاعلية كفاءة استهلاك الطاقة لتوعية وتثقيف المستهلك، الذي يعد في حد ذاته أحد أهم الآليات نحو التطبيق العملي في إدارة الطاقة وترشيدها. وتعد هذه البطاقات بمثابة الدليل الذي يمكن وضعه في مكان بارز على المنتج لتسهل قراءة البيانات التي يحتويها من قبل المشتري (المستهلك). لقد جعل الهدف من هذه البطاقة أن تكون أداة مرنة وطيعة لتبين وبشكل جلي واضح حجم وكمية استهلاك الطاقة الكهربائية لبعض الأجهزة الكهربائية المنزلية الشائعة الاستخدام وبخاصة نسب مستويات كفاءة الطاقة للجهاز والمعروف بـ: “Energy Efficiency Ratio, EER”، وهذه البطاقة يتم وضعها على شكل ملصقات على الأجهزة والمعدات الكهربائية  الشائعة الاستخدام مثل المكيفات والغسالات والثلاجات والمجمدات التي يتم تصنيعها محليًّا أو استيرادها من بلدان أخرى.

1-4 تبني وتطبيق معايير لإزاحة الأحمال وترشيد الطاقة

قامت هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج بالتنسيق مع الشركة السعودية للكهرباء نحو تطبيق دراسات تجريبية في إزاحة الأحمال وترشيد الطاقة لكافة فئات المشتركين (مستهلكو الطاقة الكهربائية)، كذلك البدء في تركيب وتشغيل العدادات الذكية التي تقوم بحساب الاستهلاك حسب وقت الاستخدام (TOU) مما ينعكس على جودة الخدمة وعدم انقطاعها وتخفيض تكاليفها، كذلك التنسيق مع شركتي أرامكو وسابك، وهما أكبر الشركات الصناعية في المملكة للعمل نحو تصحيح معامل القدرة للمعدات والتركيبات الكهربائية لديها مما يوفر قدرات كبيرة وتكاليف باهظة بالنسبة لجهة الإمداد (الشركة) وجهة الطلب (المشتركون).

ثانيًًا: المراكز الناشئة لتعزيز مسيرة ترشيد الطاقة والمحافظ عليها

لدعم وتعزيز مسيرة ترشيد الطاقة وحسن استخدامها والمحافظة عليها ظهر عدد من المراكز التي اهتمت بسياسات وبرامج الترشيد وسن قواعد وتشريعات ونظم من أجل تبنيها وتطبيقها والالتزام بها إلى جانب تنسيق جميع الجهود لذلك الغرض بين الجهات الحكومية وغير الحكومية، ومن بين هذه المراكز والبرامج ما يلي:

2-1   المركز السعودي لكفاءة الطاقة (SEEC)

أنشئ المركز السعودي لكفاءة الطاقة (Saudi Energy Efficiency Center) بعد أن تحول من البرنامج الوطني لإدارة وترشيد الطاقة (NEEP) والذي أنشئ سابقًا بمبادرة من البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وبتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لتبنيه والإشراف عليه، بموجب قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 16 و تاريخ 17/1/1431هـ (12/12/2011)، ليقوم بدور رئيس وفاعل في قضايا ترشيد الطاقة بوجه عام والطاقة الكهربائية بشكل خاص، وقد قام المركز بإعداد دراسات وتنظيم لقاءات وعقد ندوات تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية ترشيد الكهرباء وحسن استخدامها والمحافظة عليها وعدم إهدارها، ومن المهام المناطة به أيضًا تنفيذ البرنامج الإلزامي لرفع كفاءة استخدام الطاقة، الذي يستهدف تخفيض استهلاك الطاقة في ثلاثة قطاعات استهلاكية رئيسية هي المباني والصناعة والنقل، كما يقوم بمتابعة عمليات تطبيق اشتراطات ومتطلبات هذا البرنامج من قبل تلك القطاعات المعنية.

2-2 البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة (SEEP

تأسس المركز بقرار من مجلس الوزراء الموقر في أواخر عام1431 هـ ضمن الإطار التنظيمي لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تحت لجنة إدارية تضم ممثلين لجميع الجهات ذات العلاقة برئاسة رئيس المدينة من أجل ترشيد وتطوير كفاءة استهلاك الطاقة بالمملكة العربية السعودية، وتنسيق جميع الجهود بين الجهات الحكومية وغير الحكومية، ولوضع  برنامج وطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، كذلك  اقتراح النظم واللوائح التي تحقق الترشيد، أيضًا متابعة تنفيذ التشريعات والسياسات والخطط المتعلقة بالترشيد كذلك المشاركة حسب الحاجة في تنفيذ بعض المشاريع الريادية .

2-3 كرسي مجموعة الزامل لترشيد الكهرباء

يمثل كرسي مجموعة الزامل لترشيد الكهرباء أحد كراسي جامعة الملك سعود البحثية التي تعنى ببث الوعي الثقافي والسلوكي وتنميته لدى الناس في كيفية استهلاك الكهرباء بالشكل المعقول المنافي للإسراف والتبذير. وقد تم افتتاح هذا الكرسي وتمويله بتاريخ 23/3/1429 هـ (31/3/2008م). وخلال الأربع سنوات الماضية قام الكرسي بمجهودات كبيرة في مجالات ترشيد الكهرباء تمثلت في إصدار كتب وعقد ندوات والقيام بحملات توعوية لترشيد الكهرباء في مختلف مناطق المملكة، ولقد عني الكرسي أن يكون مرجعًا متميزًا وقاعدة معلوماتية قوية في قضايا ترشيد الكهرباء على المستوى المحلي خاصة والعالمي عامة وأن يكون مشاركًا فاعلاً مع الجهات المعنية في إيجاد مجتمع معرفي مزود بثقافة وسلوك ترشيدي ناضج، كما ساهم الكرسي أيضًا خلال الحقبة الماضية بجهود بحثية وتثقيفية واجتماعية في ترشيد الكهرباء، منها ما يلي: تنمية الوعي بأهمية الكهرباء وترشيد استهلاكها، المساهمة في حل مشكلات الهدر الكهربائي، زيادة المحافظة على الطاقة الكهربائية بما يخدم الاقتصاد الوطني، إثراء البحوث والدراسات والتدريب والتثقيف في ترشيد الكهرباء، جمع المعلومات في قاعدة بيانات قوية وتوفيرها للمستفيدين، تقديم الاستشارات والتدريب، عقد المؤتمرات والندوات وحضورها، دعم طلاب الدراسات العليا في مجالات ترشيد الكهرباء، التعرف على التجارب الدولية والاستفادة منها، التعاون مع الجهات المعنية لتحقيق الأهداف المشتركة، التعرف على أسباب ومصادر الهدر الكهربائي، رفع مستوى التوعية لدى الناس بأهمية الطاقة الكهربائية، تحسين كفاءة وأداء المعدات والأجهزة الكهربائية والمائية، المشاركة مع وزارة المياه والكهرباء وكافة الجهات المعنية بقضايا الترشيد في الدراسات والأبحاث المتعلقة بالترشيد، تقديم الاستشارات وإقامة الندوات وورش العمل.

ثالثًا: دعم الدراسات والأبحاث في مجالات ترشيد الكهرباء

كان للكثير من الجهات المعنية دور كبير في دعم وتمويل الدراسات والأبحاث الموجهة نحو ترشيد استهلاك الكهرباء سواء ما يتم إجراؤه في مراكز البحوث بالجامعات أم ما تقوم به جهات متخصصة ومكاتب استشارية من القطاع الخاص. ومن الجهات التي كان لها دور كبير في الدعم والتمويل وزارة المياه والكهرباء حيث أشرفت ومولت الكثير من الدراسات والأبحاث التي عنيت بتدقيق الطاقة وترشيد الكهرباء والحفاظ على البيئة، كما قامت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بدعم دراسات متعددة في مجالات الطاقة بمفهومها الشامل بل وأفسحت المجال لجهات معنية في قطاع الكهرباء بالإشراف والمشاركة في تلك الدراسات والأبحاث والاستفادة من أساليبها  ونتائجها، كما أن الجامعات السعودية كان لها دور بارز في دعم وتمويل الكثير من المشاريع والأبحاث في مجالات تحسين الخدمة الكهربائية وترشيد استهلاكها وتقليل هدرها، كما كان للشركة السعودية للكهرباء دور محسوس في تمويل الكثير من الدراسات، التي عنيت بإزاحة الأحمال وترشيد الاستهلاك وتوعية المشتركين باتباع الطرق المثلى في استخدامات الطاقة الكهربائية وترشيد استهلاكها، ومن الجدير بالذكر أن لدى الشركة إدارة خاصة تعنى بتوعية المشتركين بأهمية الطاقة الكهربائية وحسن استخدامها وترشيد استهلاكها والحفاظ عليها. كما أن للشركتين العملاقتين أرامكو السعودية وسابك باعًا طويلاً وإسهامات مشهودة في دراسات وأبحاث الطاقة والمحافظة عليها وقد تم إنشاء كراسي بحثية متخصصة في هذا الشأن في كثير من الجامعات السعودية تحت رعايتهما ودعمهما.

الخاتمــــة:

وختامًا، علينا أن ندرك بأن الكهرباء نعمة من النعم الوفيرة والكثيرة التي أفاء الله بها علينا، كما علينا أن نعي أيضًا بأنها تنتج بتكاليف باهظة، وتصل إلينا كمستهلكين ومستفيدين سهلة وميسرة، فيجب علينا إذن أن نحرص على حسن استخداماتها والتعامل معها حتى نحافظ عليها، وننعم بمزاياها ومنافعها محققين وممتثلين لقول الرب تبارك وتعالى: (وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) الإسراء: 26، (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء: 27.


عدد القراء: 10076

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-