جوزيف تيرنر رائد الانطباعية الكلاسيكيةالباب: فنون

نشر بتاريخ: 2016-02-15 11:09:09

فكر - المحرر الثقافي

اشتهر الفنان الرومانسي الإنكليزي جوزيف تيرنر Joseph Turner برسوماته حول الطبيعية ومائياته والطبعات الفنية. ولد في 14 أيار/مايو 1775، توفي في 19 كانون الأول/ديسمبر 1851، لعائلة متوسطة الحال، فقد عمل والده حلاقًا.

عاش تيرنر أغلب طفولته مع عمه، في برينتفورد، ثم مدينة صغيرة على ضفاف نهر التايمز غرب لندن، خلال هذه الحقبة، بدأت تظهر مواهب جوزيف تيرنر في رسمه للطبيعة التي وجدها من حوله بكامل النقاء، بداية استخدم في رسم لوحاته قلم الرصاص، التي لون داخلها بالألوان البسيطة، في وقت لاحق شكلت تلك المدة أساس أسلوب العمل الفني لكامل لوحاته.

كانت العديد من رسومات جوزيف تيرنر في وقت مبكر عبارة عن دراسات أو تمارين في المنظور المعماري وكما هو معروف أنه عندما كان شابًّا كان يعمل لدى عدة مهندسين معماريين، وبحلول نهاية عام 1789 كان قد بدأ أيضًا بدراسة العلوم الطبوغرافية تحت يد توماس مالتون، دخل الأكاديمية الملكية لمدارس الفن في عام 1789. قدم جوزيف تيرنر أول معرض فني له وهو في الخامسة عشر من العمر، حيث استخدم فيه الألوان المائية، عرض لوحاته في المعرض السنوي للأكاديمية الملكية، وقد برز في لوحاته فهم تيرنر القوي لعناصر المنظور، مما يدل على إتقانه الشامل لأسلوب الطبوغرافية.

كان تيرنر مثير للجدل في حياته، إلا أنه الآن يعد الفنان الذي سما بالرسم الطبيعي إلى مستويات تناطح مكانة الرسم التاريخي. وله تاريخ حافل بالإنجازات الفنية، فهو من قلب موازين الفن في عصره، حتى أصبحت لوحاته تاريخية. اشتهر برسوماته الزيتية كما يعد من كبار رسامي المائيات البريطانيين. واشتهر بلقب "رسام الضوء". وتعد أعماله مقدمة رومانسية للفن الانطباعي. كما وسمت بعض رسوماته بخانة الفنون التجريدية قبل بزوغها في بدايات القرن العشرين.

يعد جوزيف تيرنر برأي الكثيرين أعظم رسّامي الطبيعة ومناظر البحر الرومانسية في بريطانيا خلال القرن التاسع عشر.

لكنه أقلّ الفنانين حظّا، نظرًا لأن النقاد انصرفوا عنه رغم موهبته وميله للتجديد واهتمّوا بغيره من الفنانين الأقلّ شأنًا وموهبة.

ولا بدّ وأن ميله للعزلة بعد جنون والدته ومن ثم موتها هو أحد الأسباب التي أدّت إلى ابتعاد النقاد عنه.

لوحته الجميلة "البارجة تيميرير" تعد أحد أعظم أعماله الفنية التي يصوّر فيها السفينة الحربية التي لعبت دورًا مشهودًّا في معركة الطرف الأغرّ، وهي تُسحب بعيدًا عن البحر من قبل سفينة من النوع الجديد آنذاك الذي يعمل بالبخار.

هذه اللوحة وغيرها من أعمال تيرنر حاول فيها الفنان تسجيل بعض مظاهر تحوّل بريطانيا إلى الثورة الصناعية والتغيّرات التي رافقت ذلك وأثرت على وسائل المواصلات وغيرها من أوجه الحياة.

وكانت "المقاتلة الشرسة" تحمل 98 مدفعًا وأبلت بلاءً حسنا في القتال، وظلت في الخدمة حتى تقرر إحالتها للتقاعد وتفكيكها في العام نفسه الذي رسم فيه تيرنر اللوحة تقديرًا لمكانتها في قلوب البريطانيين آنذاك.

كان تيرنر يدرك أهمّية هذه اللوحة ولذا فقد كان يرفض بيعها على الدوام منذ أن ظهرت لأول مرّة في العام 1838م.

وقرر تيرنر بعد ذلك إهداء لوحته للأمة، واحتلت مكانها المميز منذ ذلك الحين في "المتحف الوطني للفنون" في بريطانيا.

في زمانه تعرّض تيرنر للهجوم والسخرية، إذ إن الجمهور في تلك الأيام كان يطمح في رؤية أعمال فنية واقعية وقريبة جدًّا من الصور الفوتوغرافية في تعاملها مع الأجسام المادية.

في حين أن تيرنر كان يركّز على اكتشاف التفاعل الوثيق والمبدع بين الضوء والجوّ، وهو ملمح طبع جميع لوحاته.

وبعد أن تغيّر الحال أصبح الناس يقدّرون دور الفنان في ترجمة الأشياء والإحساس الكامن فيها، بدلاً من الانشغال بالحقائق والمفردات المادية والمجرّدة.

تعد لوحة الصيادون في البحر التي عرضها جوزيف تيرنر في الأكاديمية الملكية عام 1796 أول لوحة زيتية له. كذلك تعد لوحته روما الحديثة، والتي عرضت في متحف دالاس للفنون، من أوائل اللوحات التي رسمها على القماش، كما سافر تيرنر إلى فرنسا وسويسرا والبندقية، ورسم هناك لوحته "مشهد عاصف" ومن أعماله الأخرى صياد سمك، مدينة المطر، قطار الغرب العظيم، قناة تشستر، أمواج شاطئ نورثمبرلاند، قلعة برغهام، جسر أبفيبريدج، حتى أصبح خلال العقد التالي أحد أشهر فناني أوروبا، ورائدًا من رواد الانطباعية الكلاسيكية.

توفي جوزيف تيرنر في لندن في العام 1851م.


عدد القراء: 10420

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-