القنبلة: الوجوه المتعددة للنساء الإرهابيات للكاتبة مايا بلومالباب: مراجعات

نشر بتاريخ: 2016-02-15 11:29:39

د. عمر عثمان جبق

سلطنة عمان

عدد صفحات الكتاب: 240 صفحة

الناشر:  C HURST & CO PUBLISHERS LETD

تاريخ النشر: أغسطس 2011    ISBN-10:1849041601

 

بقلم: الدكتورة مارلا بريت شنايدر*

MARLA BRETTSCHNEIDER

 

يُعد كتاب مايا بلوم MIA BLOOM بعنوان القنبلة: الوجوه المتعددة للنساء الإرهابيات إحدى الإسهامات المهمة في الأبحاث المتعلقة بالأدوار العديدة التي تلعبها النساء في شبكات العنف المنظم خلافًا لأدوارهن الرسمية المألوفة.

وكما تلاحظ السيدة بلوم فإن فهم طبيعة أدوار النساء، وفهم تغيّر أدوارهن فهمًا أفضل هو أمر مهم جدًّا، ليس فقط لأسباب أكاديمية وحسب، بل من أجل رسم السياسات والإستراتيجيات، والمضي قدمًا في عالم معقد وعنيف على نحو مضطرد.

ففي الولايات المتحدة لم يكن القادة السياسيون و العسكريون مهيئين للأدوار المتزايدة والمتغيرة للنساء كانتحاريات يفجرن أنفسهن، ولأدوارهن بشكل عام في منظمات "إرهابية". ولقد منعتهم أفكارهم وأيديولوجياتهم وتوقعاتهم الذكرية من رؤية تلك التطورات؛ مما جعل الموقف ضعيفًا لمواجهة الأخطار المستقبلية.

 تمت كتابة هذا الكتاب بغية وصوله للجمهور غير المتخصص، علاوة على المساهمة في المادة العلمية المتخصصة في هذا المجال. وتبتعد الكاتبة عن الكتابة بلغة متخصصة، وتقوم بتقديم سياق طويل وخلفية غنية، وتلقي الضوء على نتائج بحثها المختلفة في الدراسات السابقة. وتشير السيدة بلوم بشكل رئيسي إلى أن الإعلام والأبحاث السابقة تصور النساء كواجهة خلفية لمراكز حملات الإرهاب الحقيقية؛ أي كضحايا ساذجة يستغلها الرجال، والقادة من الرجال، وأصحاب الرأي من الرجال أيضًا. كما ويعد تحليلها خاليًا من الفوارق الدقيقة والطبقية، ويظهر دوافع النساء العديدة، والأدوار المهمة جدًّا التي تلعبها في مختلف الصراعات في العالم.

وفي النهاية تعطينا الكاتبة تحليلاً واضحًا ومتشعبًا عن ظروف النساء وأدوارهن المتغيرة بحيث لا ينبغي لنا طرح أسئلة بسيطة عن أدوار النساء في الصراعات الدينية السياسية مثل: هل النساء هناك بالإكراه أم باختيارهن؟

يقدم لنا عمل الكاتبة بلوم الإطارات المتداخلة لما تسميه "الكلمات الأربعة التي تبدأ بحرف R باللغة الإنجليزية بالإضافة إلى الكلمة الخامسة" (ص234). وتوضح لنا الكاتبة بأن النساء تنخرط في الصراعات والجماعات المختلفة في العالم لأحد الأسباب التالية: الانتقام والخلاص والعلاقات والاحترام والاغتصاب  (revenge, redemption, relationships, respect, and rape). وتتداخل هذه الأسباب تداخلاً كبيرًا فيما بعد.

تبدأ الكاتبة كتابها بنبذة مختصرة عن تاريخ الإرهاب بما في ذلك استعمال روبيسبير Robespierre المنهجي للإرهاب والعنف لأهداف سياسية، وطيار وكاميكازيKamikaze  اليابانيون الانتحاريون خلال الحرب العالمية الثانية. وتلاحظ الكاتبة أمثلة عن ادخال الإرهاب إلى القوى الغربية في الغرب. وفي فقرة "منطق الاضطهاد الخاص بها" توضح الكاتبة أنه "لولا مبالغة القوات الحكومية في ردة فعلها لما تمكنت الجماعات الإرهابية من الطموح لإعادة ملء صفوف عملائها السريين الذين فقدتهم" (ص 19). علاوة على ذلك، يبدو أن الانتحاريين الذين يفجرون أنفسهم يشكلون "خيار الملاذ الأخير عندما تصبح الجماعات ضعيفة جدًّا"(ص 19). ويعد الانتحاريون الذين يفجرون أنفسهم "القنبلة الذكية الأخيرة" لأنه بإمكانهم تعديل الأهداف والإستراتيجيات في الحال عند الضرورة.

وتتفحص الكاتبة نمط النشاطات الإرهابية للنساء في كل فصل من فصول الكتاب من خلال دراسة جماعة معينة في منطقة محددة. ففي الفصل الثاني تدرس الكاتبة عملاء الشيشان المسلمين السريين ضد روسيا وتستطلع ما تسميهم "انتحاريات الأرملة السوداء "THE BLACK WIDOW BOMBERS، وهن نساء نشطات غالبًا ما يكن انتحاريات يفجرن أنفسهن. وقد تكون بعضهن حوامل. ومن غير الواضح علاقتهن بشخصية الأرملة السوداء في ثقافة البوب التي نشأت كجاسوسة روسية خيالية في كتب الرسوم الهزلية في ستينيات القرن العشرين المنصرم التي تلقاها جمهور القراء من الذكور كامرأة قوية ومثيرة جدًّا. و تقدم الكاتبة العميلات الشيشان في دراستها لأزمة رهائن دار الثقافة في دوبروفكا DUBROVKA كعميلات من الدرجة الثانية مقارنة مع الرجال في تلك العملية. فقد كان الرجال، يحظون بالقوة الرئيسة ويتخذون القرارات، وكان من المتوقع أن يهربوا؛ بينما تم إرسال النساء إلى الداخل وكان يتوقع موتهن.

وفي الفصل الثالث نجد "الانتحارية الحامل"، حيث تقدم الكاتبة دراسة حالة الاقتتال المسلح العنيف لحركة المقاومة الكاثوليكية ضد الاحتلال البريطاني لإيرلندا. فقد قامت تلك النسوة بالتنكر كحوامل لإخفاء المواد وتجنب اكتشافهن من قبل الشرطة البريطانية، معتمدات في ذلك على الصورة النمطية الذكرية للنساء الحوامل على أنهن خارج نطاق الصراع السياسي العنيف. ومن خلال هذا المثال يمكننا ملاحظة أنه في المناطق التي تمتاز فيها النساء باستقلال أكبر قليلاً فإن النساء المنخرطات في الجماعات الإرهابية لديهن "فرصة أكبر" وخيارات أكثر أيضا للعلب أدوار قيادية.

ومن ثم تقدم لنا الكاتبة دراسة حالة "الكشافة" بين المسلمين الفلسطينيين التي تعدّ إحدى الردود على الاضطهاد الإسرائيلي. وكما في الحالات الأخرى فإننا نرى هنا تشكيل شبكات من أعمار متفاوتة حيث يعدّ الذين يموتون في سبيل قضيتهم شهداء، ويتم تعليم الأولاد على تبجيلهم وتبجيل أهدافهم، لأنهم مقاتلون في سبيل الحرية. إلا أن صورة العديد من النساء الفلسطينيات المشتركات في المنظمات العنيفة تختلف عن صور نساء أخريات عديدة. وتشكل النساء الانتحاريات في حزب العمال الكردي الذي ينشط في تركيا والجماعات (المماثلة) في سيريلانكا و الشيشان نسبة ضخمة من الانتحاريين بشكل عام (40% و25% و43% على التوالي) مع أنهن يلعبن أدوارًا صغيرة في التخطيط للعمليات، ويتم تدريبهن تدريبًا قليلاً أيضًا (ص 137). وتصور الكاتبة النساء في الجماعات الفلسطينية التي تستخدم العنف كوسيلة وهنّ على درجة عالية من الثقافة والاشتراك في رسم الإستراتيجيات والحرب الأيديولوجية العقائدية.

ويركز الفصلان الخامس والسادس على "الانتحاريين المستقبليين" من خلال دراسة حالة المشاركين في جماعة النمر الأسود BLACK TIGER من بين الجماعة التاميلية الهندوسية HINDU TAMILS في سيريلانكا والجماعة الإسلامية اللتان تشكلان "روابط أساسية" وتسعيان لتشكيل نموذج معين من الدولة المسلمة في إندونيسيا وجنوب شرق آسيا. وتواجه النساء في هذه الأمثلة اضطهادًا جنسيًّا أشد ضمن ثقافات أوطانها الأم تمامًا كالمجتمعات المماثلة لدراسة الحالة الأولى في الشيشان من حيث السلطة المتعلقة بالجنس البشري (الذكور أو الإناث) فأدوارهن في شبكات الإرهاب تقوم على تربية المحاربين وتعليمهم بحيث يقمن بنقل الأيديولوجية القومية والدينية إلى الجيل التالي. وغالبًا ما يتم المتاجرة بهن كما لو كن بيادق شطرنج، وتتزوجن من عملاء سريين لضمان علاقات أسرية أقوى بين أفراد المنظمات. ويلعب الاغتصاب والترمل أدوارًا مهمة بالنسبة للانتحاريات في هذه الجماعات، كما في الشيشان، حيث يضع الاغتصاب المرأة خارج حدود المجتمع. ويصبح الانتحار من خلال التفجير خيارًا في هذه الحالات، حيث يتم بيع النساء أو خطفهن في الغالب من قبل عصابات إرهابية؛ وهكذا ترى هذه النساء الانتحار كوسيلة جذابة نسبيًّا لتخليص أنفسهن. ويعد الاغتصاب تهديدًا مستمرًا للنساء اللاتي تعانين من الاحتلال، ويعتمد قادة الجماعات الإرهابية على ذلك لتجنيد النساء اللاتي عانين من هذا العنف. ويعد اغتصاب النساء في مجتمعاتهن الخاصة إحدى الإستراتيجيات أيضًا التي تستخدمها العديد من جماعات المقاومة العنيفة لثبوت فائدته كأداة تجنيد فعالة.

وتقدم آخر دراسة حالة في هذا الكتاب تحليلاً للقاعدة ونمو شبكات الجهاد العالمية. وتركز الكاتبة هنا على أدوار النساء "كمجنِّدات ومروّجات". ومع أن النساء ما تزال غير مسؤولة عن اتخاذ القرارات، إلا أنهن قد أظهرن فعاليتهن في إيصال الرسالة، وجذب أناس أكثر إلى الجماعات المتطرفة من خلال استعمالهن الإنترنت على وجه الخصوص.

تقدم الكاتبة في كتابها "القنبلة" نظرة واضحة عن المكانة المعقدة والمتغيرة للنساء في الجماعات الإرهابية في مختلف المناطق والصراعات؛ إذ تختصر قائلة: "تقدم الصور النمطية عن الجنسين جزءًا من التفسير؛ ويقدم الاحتلال جزءًا آخر، ويقدم الدين جزءًا ثالثًا". وتعدّ الصورة الكلية لدوافع النساء لهذه الأعمال وانضمامهن في تلك الجماعات "خليطًا معقدًا من العوامل الشخصية والسياسية والدينية تطلق شرارتها محرضات مختلفة في أوقات مختلفة" (ص235). وتلاحظ الكاتبة من خلال نظريتها عن الدوافع الأربع التي تبدأ بالحرف "R" باللغة الإنجليزية بأن السبب الذي يقدم للنساء مرارًا كي تلتحقن بالجماعات الإرهابية هو الثأر REVENGE" لموت أحد أفراد العائلة". وفي السياق الأيديولوجي، حيث تعيش النساء فإن بعضهن تفكر بالخلاص REDEMPTION من خطايا الماضي، وعادة ما تأخذ هذه الخطايا شكل العلاقات الجنسية التي قد تكون من اختيارهن في وقت سابق، أو تم إجبارهن عليها. وتلاحظ الكاتبة فيما بعد أن "أفضل مؤشر على أن المرأة ستشترك في أعمال عنف إرهابية هو علاقتها RELATIONSHIP مع أحد المتمردين أو الجهاديين المعروفين." وتكتب عن هذا قائلة: "يقدم أحد أقارب المرأة دخولها إلى المنظمة، ويضمن الاعتماد عليها" (235). وفي أثناء سعي النساء للحصول على الاحترام RESPECT داخل مجتمعاتهن "يمكنهن إظهار تكريس أنفسهن للقضية والتزامهن بها كالرجال" (236). ويمكن للنساء أن تصبح نماذج يحتذى بها ليس فقط في مجتمعاتهن وحسب، بل أيضًا في عالم تكون فيه خيارتهن محدودة بسبب الاضطهاد الجنسي.

يمكن تطبيق هذه الدوافع الأربع على الرجال ولكن بدرجات متفاوتة وطرق مختلفة أيضًا. إن الدافع الخامس الذي يمكن إضافته هو الاغتصاب RAPE الذي يتقاطع مع الدوافع الأربعة للنساء. وتلاحظ الكاتبة "وجود زيادة في استغلال النساء جنسيًّا في الصراعات المنتشرة على امتداد المعمورة"(236). وتلقي الكاتبة بفرضية أن النساء لسن عنيفات بالفطرة إلى مزبلة التاريخ. ويعد السؤال فيما لو كانت النساء مكرهات أو مخيّرات على المشاركة في الأعمال العنيفة (الإرهابية) في سبيل حرية أوطانهن (أو الحكم الديني) سؤالاً أكثر تعقيدًا مما صورته وسائل الإعلام والدراسات الأخرى. وتقدم الكاتبة عملها هذا على أنه "مجرد مقدمة لتاريخ متواصل لعنف النساء على الأرض"(234). ويوضح الكتاب أهمية التحليل النقدي النسوي لفهم الاتجاهات المعاصرة في الجماعات الإرهابية والرد عليها. ونقترح على الكاتبة التفكير بضم دراسة حالة مسيحية في الولايات المتحدة في أعمالها المستقبلية، بالإضافة إلى إجراء مقارنة بالدعاية الحكومية التي تروج لدعم انضمام النساء للجيش ومشاركتهن بعمليات عنيفة.

 

* الدكتورة مارلا بريت شنايدر أستاذة الفلسفة السياسية في جامعة نيو هامبشير UNIVERSITY OF NEW HAMPSHIRE بالإضافة لاشتراكها في برنامج العلوم السياسية و دراسات النساء حيث تشغل منصب المنسقة لدراسات النساء.

رابط المراجعة الإنجليزية:

HTTP://WWW.E-IR.INFO/2014/01/10/REVIEW-BOMBSHELL-THE-MANY-FACES-OF-WOMEN-TERRORISTS/


عدد القراء: 6107

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-