غوغان قبل وبعد

نشر بتاريخ: 2022-11-29

المحرر الثقافي:

الكتاب: "غوغان قبل وبعد"

المؤلف: بول غوغان

المترجم: بهاء إيعالي

الناشر: دار صفصافة

تاريخ النشر 2022

يُعَدّ بول غوغان (1848 ــ 1903) من بين رموز الحداثة التشكيلية القلائل الذين التفتوا إلى وسائل تعبير أُخرى غير اللوحة، مثل الكتابة، التي أبدى غوغان اهتماماً ملحوظاً بها وبمنتوجها ــ الكتاب ــ، ناشراً خلال حياته العديد من المقالات والكتيّبات التي رافقت فيها نصوصٌ لوحاتٍ أو اسكتشاتٍ له.

عن "دار صفصافة"، صدرت حديثاً النسخة العربية من كتاب غوغان "قبل وبعد"، بترجمة بهاء إيعالي؛ وهو عملٌ كان الرسّام الفرنسي قد أنجزه قُبيل وفاته بأسابيع.

وتُراوِح النصوص التي يضمّها الكتاب بين المذكّرات والسيرة، حيث يبثّ فيها غوغان العديد من مواقفه وآرائه، مثل موقفه من الحداثة الأوروبية التي كان يبغضها. كما يصف مشاهداته وتنقّلاته في جُزر ماركيساس وغيرها من أراضي فرنسا البولينيزية، ضمن لغةٍ لا تخلو من تهويم يشبه تهويمات بعض المستشرقين، ومن فوقية وأحكام مسبقة على الآخَر غير الأوروبي.

لكنّ قيمة هذا العمل تتأتّى قبل كلّ شيء من الآراء التي يُبديها الفنان الفرنسي في سرده هذا، حيث نقف فيه على قارئ كبير يُبدي أحكاماً نقدية ــ دون أن يعني ذلك كما يبدو ــ على كِبار الكتّاب وطريقة كتابتهم، مثل إميل زولا الذي يرى أنه لا يهتمّ بإيجاد طبقات وأصوات مختلفة في السرد والحوارات، بحيث يتحدّث جميع الشخصيات وكذلك السارد بالمستوى اللغوي نفسه.

كما يقدّم نظرته الخاصّة والدقيقة حول العديد من مجايليه وسابقيه من التشكيليين، ومنهم صديقه بول سينياك، وكذلك كامي بيسّارو، وسيزان، الذي يُبدي غوغان إعجاباً كبيراً بلوحات الطبيعة الصامتة التي وضعها سيزان، بل إنه يقدّم وصفاً دقيقاً لها من ذاكرته، كما لو أنها كانت أمامه.

على أنّ التفصيل الأبرز ربما في هذا الكتاب، أو ذلك الذي شغل مؤرّخي الفن على الأقل، يتعلّق بالرسام الهولندي فنسنت فان غوخ، حيث يشكّل "قبل وبعد" واحداً من أندر المراجع التي تروي أسابيع كاملة من حياة فان غوخ، وتفاصيل من جنونه، وقطعه أذنه، ومهاجمته لبعض الناس (ومنهم غوغان، الذي كان ينام في الغرفة نفسها لمدة أسابيع) قبل أن يعود ويعتذر منهم.


عدد القراء: 1349

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-