شك وخوف بطل تشيخوف في قصة: موت موظفالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2024-05-30 08:55:49

حسين علي خضير

كلية اللغات – جامعة بغداد

يبدو أن أبطال تشيخوف مكتوب عليهم ان يعيشوا ويموتوا خوفًا. نحن نعلم جيدًا إن خوف هذا الموظف من السلطة كان سببًا في موته، وكلنا يعلم النهاية المأساوية التي آلت بهذا الموظف الصغير حينما عطس على جنرال في المسرح، وكيف هذا الموظف مات من الخوف لأنه يتوقع العقاب في كل لحظة. ولكن هنا يتبادر إلى الذهن سؤال هل خوف بطل تشيخوف كان مبررًا؟ وهل تشرفياكوف هو من جنى على نفسه؟ وهنالك الكثير من الأسئلة... ولكن الشي الملفت في هذا القصة القصيرة أن تشيخوف استخدم العطسة في هذه القصة وكلنا يعلم "الجميع يعطس" كما قال تشيخوف، ولكن عبقرية تشيخوف أضفت على قصته صبغة فريدة التي لا نجد لها مثيل في الأدب العالمي، لذلك هو صاغ من العطسة حكمة خالدة للبشرية التي إلى يومنا هذا نستلهم منها العبر. والسؤال الذي يراودني في أغلب الأحيان هل موت تشرفياكوف علمنا شيء؟ نعم علمنا الكثير لأن شك وسذاجة تشرفياكوف وخوفه الذي يعيش في أعماق روحه من السلطة آنذاك – هي كانت سبب رئيسي في نهايته المأساوية، نعم أقول إنه كان ساذجًا لأنه على ما يبدو لم يتعلم كيف يتعامل مع الموقف المحرج، وفي ذات الوقت استسلم إلى الشك والخوف وكانت النتيجة هي الموت. دعونا نرى إلحاح وشك هذا الموظف الى أين أوصله؟ كان تشرفياكوف يشك بما قاله الجنرال واعتقد أن سكوته هذا يدل على أمرٍ خبيث سيحصل له من قبل الجنرال لذلك هو ألح في مسالة الاعتذار بالرغم من الجنرال بريزجالوف قال لتشرفياكوف أنا قد نسيت ".. فقال الجنرال: أوه كفاك!. أنا قد نسيت وأنت مازلت تتحدث عن نفس الأمر!"(1)، لو تمعنا قليلاً في هذا الرد من قبل الجنرال، لنجد إجابه كافية ووافية تنهي معاناة هذا الموظف المسكين لو هو أخذ بها، ولكن تشرفياكوف أصر وألح في تقديم الاعتذار، لذلك هو من وضع نفسه في هذا المأزق الذي لا يحسد عليه. وفي نهاية القصة ومن جراء كثرة إلحاح والشك الذي يراودهُ، اعتقد الجنرال أن تشرفياكوف يسخر منه، لذلك الجنرال عبر عن انفعاله قائلاً: ".. إنك تسخر يا سيدي الكريم!"(2)، والشيء العجيب في شخصية هذا البطل على الرغم من اعتقاد الجنرال أن هذا الموظف يسخر منه، فإن تشرفياكوف لم يتخلى عن هذه الفكرة، وعلى الرغم من أن تشرفياكوف أقسم إنه لن يأتي إليه وهو يفكر مع نفسه، ولكن في اليوم الثاني ذهب إلى الجنرال لكي يعتذر ".. واضطر في اليوم التالي إلى الذهاب بنفسه لشرح الأمر"(3)، هنا يطرح سؤال لماذا هذا إلحاح من قبل الموظف؟ هل من جراء الخوف أم سذاجة وشك هذا الشخص هي التي أوصلته إلى هذ الأمر؟ على ما يبدو لي أن الخوف والسذاجة والشك هي من كانت وراء نهايته التراجيدية. في نهاية القصة يأتي تشرفياكوف ليقدم الاعتذار إلى الجنرال قائلاً: ".. جئت بالأمس فأزعجتكم يا صاحب السعادة، لا لكي أسخر منكم كما تفضلتم سعادتكم فقلتم. بل كنت اعتذر لأني عطست فبللتكم... ولكنه لم يدر بخاطري أبدا أن اسخر. وهل أجسر على السخرية فلو رحنا نسخر، فلن يكون هنالك احترام للشخصيات إذن..."(4)، وهذا دليل قاطع على سذاجة وخوف تشرفياكوف، دعونا نرى كيف كانت ردة الفعل لدى الجنرال بعد هذا المقدمة التي تشرفياكوف عانى كثيرًا حتى يوضح وجهة نظره من مسالة السخرية حينما تشرفياكوف ألح كثيرًا في مسالة الاعتذار" .. وفجأة زأر الجنرال وقد أربد وارتعد: - أخرج من هنا!! "(5)، هنا على ما اعتقد بل مُتأكد أن الجنرال سئم من كثرة إلحاح الموظف، وبالتالي ردة الفعل التي قام بها الجنرال كانت طبيعية، لأن الجنرال أحس بأنه تعرض للسخرية.

المصدر:

(1) أنطون تشيخوف: مؤلفات مختارة، ترجمة: د. أبو بكر يوسف، دار رادوغا. موسكو، ص38.

(2) نفس المصدر، ص40.

(3) نفس المصدر، 40.

(4) نفس المصدر، 40.

(5) نقس المصدر، 40.


عدد القراء: 1621

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-