البِّر وفقه الإحسانالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2024-05-30 07:19:07

محمد بن عبدالله الفريح

كاتب ومفكر

(ملهمة الفقه العميق) و(ملهمة البر وفقه الإحسان).

ثارت قبل فترة من الزمن فتوى مثيرة للجدل بين اثنين من فقهاء الجزائر وهُما:

الشيـخ: موسى إسماعيل، والشيخ: الطاهر آيت علجت رحمه الله.

يتلخص الموضوع أن أبناءً أصيب والدهم بالزهايمر وهو داء النسيان المعروف، فذهبوا يستفتون الشيوخ في هذا الأمر: فقالوا للشيخ موسى إسماعيل: «والدُنا مريض بـالزهايمر، فهو يأكل ناسيًا في نهار رمضان فما الواجب علينا فعله؟».

فأجابهم بقوله: «أبوكم قد زال عقله، والعقل مناط التكليف فهو غير مكلف بالصوم أصلًا وبالتالي فلا شيء عليه.

ثم ذهبوا للشيخ (الطاهر) بنفس السؤال فأجابهم الفقيه الورع:

«أطعموا عن والدكم عن كل يوم مسكينًا، فلئن تعاملوا والدكم معاملة المريض أحب إليَّ من أن تعاملوه معاملة المجنون».

فسمع الشيخ موسى إسماعيل بهذه الفتوى فبكى وقــال:

«حفظ الله الشيخ الطاهر فالفتوى قبل أن تكون فتوى يجب أن تكون تقــوى!!»

فقد لاحظ الشيخ أن في هذه الفتوى تقوى وبرًا وأدبًا مع الوالد، ورأى أنه من العقوق أن يعامل الأبناء أباهـم معاملة من ذهب عقله؛ حاله كحال المجنون بل أمرهم أن يعاملوه معاملة المريض.

وهذا الفهم هو ما أبكى الشيخ موسى إسماعيل وإدانته بالفضل والعلم وعمق الفهم للشيخ الطاهر آيت.

بغض النظر عن قناعتنا بأحد الرأيين من عدمه وبحجيتهما، إلا أن جوهر الدين ومضمونه وأحكامه تميل لكفة الإحسان والبر والعطف أين كان مساقهما ومآلهما.

خاطرة:

لا تحسبن العلم ينفع وحده  

                             ما لم يُتوج رَبُّهُ بِخَلاقٍ

والعلم إن لم تكتنفه شمائل

                               تُعْلِيهِ كَان مَطِيةَ الإِخْفَاقِ

 

اللهم ارزقنا الفقه مع الأدب وارزقنا البر بوالدينا أحياءً وأمواتـًا.


عدد القراء: 3206

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-