هل تزيح تقنية الـ Li-Fi الـ Wi-Fi للأبد؟الباب: علوم وتكنولوجيا

نشر بتاريخ: 2015-11-17 14:29:59

فكر - المحرر الثقافي

على الرغم من الفوائد الجمة لتقنية الاتصال اللاسلكي الشهيرة "واي- فاي WI-FI " فإنها تعاني من بعض السلبيات مثل محدودية سرعتها في نقل البيانات، وإمكانية اختراقها، مما دفع الباحثين إلى العمل على ابتكار تقنية جديدة تحمل اسم "لاي- فاي Li-Fi " تعتمد على الضوء كوسيلة لنقل البيانات بدلاً من موجات الراديو المعتمدة في تقنية واي- فاي Wi-Fi.

 

لاي فاي أو «Li-Fi» اختصار لمصطلح «Light Fidelity»، وأقرب المعاني لهذا المصطلح هو (العمل وفق الإضاءة أو الاعتمادية على الضوء)، وبالمعنى العملي لهذه التقنية هو نقل البيانات عن طريق الضوء. وهي تقنية اتصالات لاسلكية ضوئية عالية السرعة، تعتمد على الضوء المرئي كوسيلة لنقل البيانات بدلاً من ترددات الراديو التقليدية الواي فاي «WiFi»، وهي من ابتكار أستاذ هندسة الاتصالات ورئيس قسم الاتصالات الجوالة بجامعة أدنبرة بإسكتلندا البروفيسور "هارلد هاس". وتم الكشف عن تقنية الضوء لنقل البيانات أول مرة سنة 2011، وقد صنفت كواحدة من أفضل الابتكارات في ذلك العام حسب مجلة التايم الأمريكية.

ويستند هذا النوع من الاتصال إلى تقنية "الاتصال بواسطة الضوء المرئي فائق التفرع" التي تُعرف اختصارًا (UP-VLC) وهي تقنية تستخدم الضوء بألوان مُتعددة.

ويعمل على تطوير هذه التقنية فريق هاس بالتنسيق مع جامعات "كامبريدج" و"أكسفورد" و"سانت أندروز" و"ستراتكلايد" في المملكة المتحدة بتمويل من هيئة أبحاث الهندسة والعلوم الفيزيائية بالمملكة تصل قيمته إلى 5.8 ملايين جنيه إسترليني.

وقد حققت «لاي فاي Li-Fi» سرعات فائقة جدًّا في المختبر، حيث نجح الباحثون في معهد هاينريتش هيرتز في العاصمة الألمانية برلين في بلوغ معدلات نقل بيانات تجاوزت 500 ميغابايت بالثانية باستخدام صمام ضوء أبيض تقليدي. ولقد أسس هاس شركة لبيع جهاز بث بيانات «VLC» وهو قادر على بث البيانات ضوئيًّا بسرعة 100 ميغابايت بالثانية أي أسرع من معظم وصلات الإنترنت السريعة «برودباند» في بريطانيا مثلًا.

يقول هيرالد هاس من جامعة أدنبرة البريطانية: إن «تكنولوجيا الاتصال بواسطة الضوء المرئي تتمحور في جوهرها حول جيل جديد من الصمامات الثنائية الباعثة للضوء شديد السطوع (LED). وببساطة شديدة إذا كان الصمام في حالة تشغيل، فهو يرسل الرمز الرقمي 1، وإذا كان في حالة إيقاف، يرسل الرمز 0. ويمكن تشغيل وإيقاف تلك الصمامات الضوئية بتردد سريع جدًّا، ما يفتح آفاقًا جيدة أمام تسخيرها لوظيفة نقل البيانات».

وقد تسهم تكنولوجيا «لاي فاي Li-Fi» في إخلاء بعض الأمواج، خاصة وأن جزءًا كبيرًا من البنية التحتية اللازمة لها موجود أصلاً. ويقول هاس: إن هناك نحو 14 مليار مصباح ضوئي في أنحاء العالم الآن، وكل ما يلزم القيام به هو استبدال تلك الأضواء لتحل محلها أخرى من نوع «LED» قادرة على نقل البيانات.

ويعتقد أن نظام « VLC» سيكون أرخص بـ 90 في المئة من نظام «واي فاي Wi-Fi ». ولأنه يستخدم الضوء بدلاً من إشارات الترددات اللاسلكية، فإنه قد يسمح بنظام « VLC» على متن الطائرات، ويمكن أيضًا دمجه بالأجهزة الطبية واستخدامه في المستشفيات، حيث يحظر استخدام أنظمة «واي فاي Wi-Fi »، أو حتى تحت الماء، حيث لا يعمل نظام «واي فاي Wi-Fi » بالمرة. ويقول هاس، الذي قدم عمله قبل أيام في مؤتمر «تي إي دي غلوبال» في أدنبرة: «أنا مقتنع تمامًا أن هذا هو الوقت المناسب لانطلاق نظام «في إل سي» إلى الساحة».

من جهته، استعرض معهد فغاونهوفر الألماني نموذجه الخاص من تقنية "لاي- فاي Li-Fi " خلال معرض "إليكترونيكا 2014" خلال الشهر الحالي في مدينة ميونخ الألمانية، وتستند تقنيته إلى الأشعة تحت الحمراء، وبإمكانها نقل البيانات بمعدل غيغابت في الثانية، لكن المعهد لا يوجه تقنيته للمستهلك العادي، وإنما يسعى إلى استثمارها في المجال الصناعي.

مميزاتها

الأمان    

عملية نقل البيانات باستخدام تقنية Li-Fi تكون محصورة في المساحة التي يصلها الضوء، ومن ثم لن يتم تسريبها للخارج، وهذا سيفوت الفرصة على المخترقين والمتجسسين للوصول إلى الأجهزة والهواتف لسرقة البيانات، فهذه لا تعتمد على موجات الراديو مثل باقي التقنيات الموجودة حاليًا، ولكنها تعتمد على موجات الضوء المرئي، وهذا يجعل التحكم بها وتوجيهها سهل للغاية على عكس موجات الراديو التي لا يمكن التحكم بها بأي حال من الأحوال فهي في كل مكان! وقد يعد البعض هذه السمة عيبًا في هذه التقنية حيث ستكون عملية نقل البينات مقتصرة فقط على مكان محدود، إلا أن انتشار المصابيح الكهربائية في كل مكان لن يشعر المرء بقصور في هذه التقنية الجديدة!

السرعة  

من أهم المميزات التي تقدمها تقنية Li-Fi هي السرعة الجبارة في نقل البيانات، فالتقنية تعتمد على موجات الضوء المرئي، فأطياف الضوء أعرض بـ 10000 مرة من أطياف الراديو مما يسمح بنقل كميات ضخمة من البيانات بسرعات أكبر .

التكاليف 

بفضل تقنية Li-Fi فلن نحتاج إلى المزيد من الأسلاك والتوصيلات والكابلات، كما أننا لن نحتاج إلى بناء أبراج ومحطات جديدة، لأننا بالفعل نمتلك "البنية التحتية" لهذا التقنية، وهي المصابيح الكهربائية، التي يقدر عددها بالمليارات من المصابيح، لذا يمكن اعتبار كل مصباح محطة تقوية قائمة بذاتها!

التشويش

تقنية Li-Fi لا تشوش على أجهزة الملاحة والأجهزة الطبية والصناعية الحساسة، مثلما تفعل تقنيات الاتصال المعتمدة على موجات الراديو، ولهذا فإنه باستخدام تقنية Li-Fi الضوئية يمكن استخدام الإنترنت عبر الهواتف والحواسيب المحمولة واللوحيات في المستشفيات والطائرات والمصانع، بل وحتى المنشآت الصناعية الحساسة مثل: مصانع البتروكيماويات التي قد يحدث فيها "كوراث" في حالة وصلتها موجات الراديو، ولذا تعد تقنية Li-Fi الأكثر ملائمة في مثل هذه الحالات!

لاي فاي LI-FI هي المستقبل

يزداد انتشار الاتصالات اللاسلكية التي تعتمد على موجات الراديو، ويزداد معها بشكل مهول انتشار الأجهزة التي تبث وتستقبل البيانات عبر الإنترنت من خلال شبكات المحمول أو من خلال شبكات الواي فاي، وتشير كل الأرقام والإحصائيات إلى ازدياد غير مسبوق في كمية البيانات كنتيجة طبيعية لزيادة أعداد الأجهزة المحمولة، التي لها القدرة على الاتصال بالإنترنت وإرسال واستقبال البيانات، كذلك الانتشار المتزايد للهواتف الذكية المتصلة بالإنترنت وما تحتويه من مزايا متقدمة مثل: إجراء المكالمات الهاتفية بالفيديو، وسهولة الوصول إلى المواقع الاجتماعية.

كل هذه الأسباب وأكثر أدت في النهاية إلى ما نراه الآن من الزيادة غير المسبوقة في استهلاك البيانات، ومن ثم زيادة الضغط على الشبكات اللاسلكية الحالية، وهنا تبرز حلول مؤقتة تتمثل في توسيع الشبكات اللاسلكية وترقيتها، إلا أن هذه الحلول لم تفِ بالمتطلبات، ومازالت الشبكات اللاسلكية الحالية عاجزة عن مسايرة هذا الكم الهائل من البيانات، لذا يكون المخرج الوحيد من هذه المشكلة هو التوجه لاستخدام وسائل جديدة لم تستخدم بعد لنقل البيانات، ويستطيع الضوء المساهمة في حل هذه المشكلة لأنه يتيح طيف من الترددات المغناطيسية أكبر 10000 مرة من موجات الراديو التي تعتمد عليها تقنية الواي فاي Wi-Fi.

ويأمل هاس أن تتطور تقنية "الصمامات الثنائية الباعثة للضوء" لتتجاوز كونها مجرد تقنية للإنارة، وتوقع أن تزود هذه المصابيح بأنظمة إلكترونية مُتطورة في المُستقبل، لتغدو وظيفتها في الإنارة مُجرد جزء بسيط من مهام عدة تستطيعها.

وفي حين يرى منتقدو تقنية "LI-Fi" أنها لن تنجح باستبدال نظيرتها "WI-FI" لأنها لا تعمل إلا وفق خط نظر مباشر مما يجعلها غير قادرة على اختراق الجدران، فإن آخرين يرون بأنها قد تعمل إلى جانب "واي- فاي Wi-Fi " في الأماكن التي تتطلب إبقاء أمواج الراديو في أدنى مستوياتها مثل المشافي والطائرات.


عدد القراء: 6882

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-