عالم بلا عملالباب: مراجعات

نشر بتاريخ: 2021-05-29 04:29:32

فكر - المحرر الثقافي

الكتاب: "عالم بلا عمل"   

المؤلف: دانيال سسكين

الناشر: Allen Lane

عدد الصفحات: 336 صفحة

تاريخ النشر:14 يناير 2020

اللغة: الإنجليزية

الرقم المعياري الدولي: ISBN-13 : 9780241321096

لا تعد المخاوف المتعلقة بأن يتسبب التطور التكنولوجي في فقدان الناس لوظائفهم وليدة اليوم، ففي القرن الثامن عشر اقتحم الجيران منزل الإنجليزي جيمس هارجريفز مخترع عجلة الغزل، ودمروا الآلة وأثاث منزله أيضًا، خوفًا من أن تتسبب هذه الآلة في فقدانهم لوظائفهم.

وعلى مدى قرون ظهرت العديد من التنبؤات التي أشارت إلى أن الآلات سوف تتسبب في بطالة البشر، وهو السيناريو الذي يطلق عليه الاقتصاديون اسم "البطالة التكنولوجية"، إلا أن تلك التنبؤات كانت خاطئة، وذلك بحسب ما ذكره "دانيال سسكيند" في كتابه تحت عنوان "عالم بلا عمل" والذي سنستعرض أبرز ما ورد فيه خلال السطور المقبلة.

ورغم أن التكنولوجيا كانت سببًا في إلغاء بعض الوظائف، إلا أن وظائف جديدة ظهرت بفضل التطور التكنولوجي، وكانت هذه الوظائف أقل إرهاقًا أو خطورة من الوظائف السابقة، وربما تكون الآلات قد حلت محل النساجين على سبيل المثال، إلا أن هناك وظائف أخرى جديدة باتت متاحة مثل مديري التسويق والمبرمجين ومصممي الأزياء.

وساعدت التكنولوجيا العمال على مدى القرون القليلة الماضية لأن يكونوا أكثر إنتاجية، مما ساهم في تحقيق ازدهار اقتصادي غير مسبوق، ورفع مستويات المعيشة، فقد نما الاقتصاد الأمريكي على سبيل المثال بمقدار 15 ألف مرة بين عامي 1700 و2000.

مخاوف قد تتحقق

ربما لم تكن مخاوف البشر من أن تحل التكنولوجيا محلهم في مكان العمل صحيحة في الماضي، ورغم ذلك فإن الأمر يبدو مختلفًا هذه المرة مثلما يزعم ساسكيند في كتابه الجديد؛ يقول ساسكيند في كتابه إن الآلات تزداد ذكاءً، وإنها ستحل محل البشر قريبًا في العديد من الوظائف، ومن المحتمل أن تحل محل الأطباء وعمال البناء وخبراء التأمين، مما يؤدي إلى إنهاء ما أطلق عليه ساسكيند اسم "عصر العمل".

يشير ساسكيند إلى أن حالة عدم المساواة المتأصلة بالفعل في الاقتصاد في الوقت الحاضر، سوف تزداد لتتسع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتتعارض هذه الفكرة مع الفكر الاقتصادي الحديث، إذ يتفق الاقتصاديون على نحو واسع على أن الآلات رغم أنها قد تكون حلت محل العمال في بعض الأحيان، إلا أنها ساعدت العمال في أحيان أخرى لأنها بدأت تقوم بالوظائف الروتينية بدلاً منهم، مما ساهم في زيادة إنتاجية العمال.

يرى الاقتصاديون أن موظفي البنوك كانوا يخشون سابقًا من ظهور ماكينات الصراف الآلي، إلا أن هذه الماكينات شجعت العملاء على استخدام البنوك بشكل أكبر، حيث زاد عدد فروع البنوك، وزادت أعداد موظفيها، الذين أصبحوا يقومون بمهام أخرى غير صرف النقود، ولكن يرى ساسكيند أن الأمر مختلف هذه المرة عن المرات السابقة؛ حيث يشير في كتابه إلى أن الذكاء الاصطناعي يتحدى الافتراض القائل بأن البشر سيكونون دائمًا أفضل من الآلات في بعض الوظائف.

ففي الماضي كان البشر يبرمجون الروبوتات ليحاكي سلوكها البشر، مما يمكنها من القيام بمهام روتينية ومتكررة بسهولة، ويعني ذلك أن الأتمتة أثرت في الغالب على الوظائف ذات المهارات المتوسطة، أما الوظائف الأخرى مثل بناء المنازل وتشخيص الأمراض فلم تتأثر نسبيًا بالأتمتة، ويؤكد ساسكيند أن الأمر مختلف الآن لأن الأشخاص الذين يعملون في تطوير الذكاء الاصطناعي يقومون بتعليم الآلات الاستفادة من كم هائل من البيانات، لحل المشكلات بطرق لا يستطيع البشر القيام بها.

دلائل على إمكانات التكنولوجيا الهائلة

يعطي ساسكيند أدلة على تحقق المخاوف من أن تحل التكنولوجيا محل البشر في المستقبل، حيث يشير في كتابه إلى أن جامعة "ستانفورد" لديها آلة يمكنها أن تستخدم بيانات نحو 130 ألف حالة، لتحديد ما إذا كان النمش مؤشرًا على الإصابة بالسرطان، كما يمكن لبرنامج "جوجل" تشخيص أكثر من 50 مرضًا من أمراض العيون، بمعدل خطأ أفضل من الأطباء.

من ناحية أخرى تستخدم إحدى شركات التأمين الصينية خوارزميات لقراءة تعابير الوجه، لتحديد ما إذا كان المتقدمون للحصول على قروض مخادعين.

التطور التكنولوجي وزيادة عدم المساواة

يتوقع ساسكيند أن يتسبب التطور التكنولوجي في زيادة عدم المساواة، مشيرًا إلى أنه كان بإمكان جميع البشر في السابق بيع مهاراتهم وخدماتهم، لكن مع التطور التكنولوجي قد تفقد بعض المهارات والخدمات قيمتها وأهميتها، كما يتوقع ساسكيند أن يشهد أصحاب رأس المال التقليدي ازدهارًا، ممن يمتلكون أسهمًا في مجال العقارات والتكنولوجيا، والأشخاص الذين يمتلكون مهارات يصعب إيجادها بسهولة، مشيرًا إلى أن الازدهار سوف يكون من نصيب عدد أقل من الأشخاص.

وأضاف ساسكيند أنه في عام 1964 كان يعمل لدى شركة "إيه تي آند تي" التي كانت أكثر الشركات قيمة في الولايات المتحدة في ذلك الوقت، 758 ألف موظف، بينما يعمل الآن في شركة "مايكروسوفت"، التي كانت أكثر الشركات قيمة في الولايات المتحدة الأمريكية قبل أن تحل محلها "أمازون" مؤخرًا، 144 ألف موظف فقط.

كان لدى شركة "إنستجرام" 13 موظفًا فقط، حين استحوذت شركة "فيسبوك" عليها عام 2012 مقابل مليار دولار.

حلول مقترحة

يقدم ساسكيند بعض الحلول لمشكلة "عالم بدون عمل" في الثلث الأخير من الكتاب، ورغم أنها ليست حلولاً جديدة، إلا أنها مثيرة للتفكير، خاصة في الوقت الذي أصبحت الأجيال الشابة به تولي اهتمامًا متزايدًا بالاشتراكية نظرًا لأن العديد من الشركات الربحية لم تكن عادلة في توزيع أرباحها، وبدلاً من ذلك ألغت الكثير منها خطط ملكية الأسهم للموظفين.

استفادت شركات أخرى من الثغرات القانونية للتهرب من الضرائب، لذلك يقترح ساسكيند أن تقوم الدولة بدور أكبر في إعادة توزيع الثروات في ظل زيادة عدم المساواة من خلال فرض نظام ضرائب أكثر كفاءة.


عدد القراء: 6467

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-