معالجة قضية المساواة بين الجنسين في مجال العلومالباب: علوم وتكنولوجيا

نشر بتاريخ: 2018-06-16 03:11:45

فكر - المحرر الثقافي

غوفردهان مهتا

أستاذ الكيمياء بجامعة حيدر أباد

قبل عامين، قررت الأمم المتحدة تخصيص يوم 11 فبراير/شباط من كل عام للاحتفال باليوم الدولي للمرأة والفتاة في مجال العلوم. وبينما نقترب من الاحتفال بهذا اليوم مرة أخرى، ينبغي أخذ بعين الاعتبار مساهمات النساء العالمات التي لا تعد ولا تحصى في العلوم والتكنولوجيا.

والأهم من ذلك هو معرفة السبب وراء قرار الأمم المتحدة في المقام الأول. فقد واجهت المرأة حواجز كبيرة منذ فترة طويلة في سعيها إلى المهن العلمية، ولذلك يجب على المجتمع العلمي العالمي تجديد  الالتزام لجعلها شريكة متساوية في البحث عن المعرفة البشرية.

ومن شأن تحقيق التكافؤ بين الجنسين أن يحقق مكسبًا هائلاً للاكتشاف العلمي. وقد تم العام الماضي الاحتفال بالذكرى 150 لميلاد ماري كوري البولندية، عالمة الفيزياء والكيمياء، والتي تعد واحدة من أعظم العلماء في كل العصور. كانت كوري أول امرأة حصلت على جائزة نوبل، كما أنّها الوحيدة التي حصلت على جائزتي نوبل في مجالين مختلفين: الفيزياء في عام 1903 والكيمياء في عام 1911.

واجهت كوري حواجز كبيرة خلال حياتها المهنية لا لشيء إلا لكونها امرأة. وفي عام 1891، بعد أن تم منعها من الدراسة أو العمل في الجامعات في بولندا، التحقت بصفوف جامعة السوربون في باريس. من خلال العمل مع زوجها، بيير كوري، أجرت ماري أبحاثًا رائدة حول الإشعاع. ولكن عندما تم ترشيح عملهما لجائزة الفيزياء عام 1903، تم حذف اسمها من قائمة المرشحين. وبعد أن قدم زوجها شكوى ضد هذا التصرف، قدمت لجنة نوبل امتيازًا استثنائيًا، وتمت إضافة اسمها إلى قائمة المرشحين للحصول على الجائزة (وتقاسمت الجائزة مع زوجها ومع الفيزيائي الفرنسي هنري بيكيريل).

وقد تغير الكثير منذ ذلك الحين، كما عرفت المساواة بين الجنسين في مجال العلوم تحسنًا ملحوظًا. وعلى سبيل المثال، يحتفل الآن برنامج جوائز "لوريال - اليونيسكو للنساء في مجال العلوم" الذي يكرم الباحثات العاملات في علوم الحياة والعلوم الفيزيائية، بالذكرى العشرين. كانت الفائزات السابقات متميزات وخبيرات في كل المجالات، بدءًا من الكترونيات الكم إلى البيولوجيا الجزيئية (وقد فازت فيفيان وينغ-واه يام، المشاركة في هذه المقالة، بالجائزة في عام 2011).

ومع ذلك، يظل التكافؤ بين الجنسين في العلوم هدفا بعيد المنال. وتشير الدلائل إلى أن التحيز مهيمن في كل مجال علمي تقريبا، وأن التمييز المؤسسي لا يزال يعيق المهن والابتكارات العلمية.

وقد اتسعت الفجوة بين الجنسين في مجال العلوم منذ فترة طويلة. وفي وقت مبكر من مرحلة المدرسة الابتدائية، يتم منع الفتيات من متابعة دراستهن في الرياضيات والعلوم، وهذا التحيز يستمر حتى على مستوى الجامعة، حيث يدرس عدد أقل من النساء للحصول على شهادة الدكتوراه، أو شغل مناصب بحثية، أو الانضمام إلى أعضاء هيئة التدريس. وعلى الصعيد العالمي، تبلغ نسبة الباحثات في العالم أقل من 30٪.

وحتى بالنسبة للنساء اللواتي حصلن على درجة أكاديمية، فقد انخفضت هذه النسبة بسبب عدم تكافؤ الفرص المتاحة للمنح والترقيات والقيادة. وقد تم أخذ أحد هذه التدابير في معدلات النشر بعين الاعتبار. ويعد إنتاج البحوث العلمية أمرًا بالغ الأهمية للتقدم الوظيفي، حيث تبين الدراسات أن النساء ينشرن مقالات أقل من زملائهن الذكور، وهن أقل احتمالاً أن يصبحن مؤلفات رئيسيات، ونادرًا ما يعملن كمقَيمات للبحوث.

والأسوأ من ذلك، انتشار التحرش الجنسي في الأوساط الأكاديمية والصناعية ذات الصلة بالعلوم. ومثل العديد من المهن الأخرى، تحتاج الأوساط العلمية إلى بذل المزيد من الجهود لمعالجة المسألة بطريقة مجدية.

ويتمثل الأثر التصاعدي لهذا التمييز في حرمان العالم من عالمات موهوبات. وحتى النساء اللواتي يتابعن دراستهن أو يُعترف بعملهن في درجات علمية عالية، هن أقل عددًا من نظرائهن الرجال. ومن بين 599 جائزة نوبل منحت في العلوم منذ عام 1901، منحت 18 جائزة فقط منها إلى النساء، أي 3٪ فقط من المجموع.

وهناك حاجة ماسة إلى إدخال تغييرات كبيرة - بدءًا من المدارس الابتدائية إلى شركات التكنولوجيا - لبناء التكافؤ بين الجنسين في الميادين المتصلة بالعلوم. ومن شأن إصلاحات بسيطة أن تستهدف الكفاءات  الفردية. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يرفع عدد المحررين من الإناث في مجال نشر العلوم من نسبة النساء اللواتي يظهرن في المنشورات المحكمة.

كما سيتم القيام بتسويات أخرى أوسع نطاقًا. ووجدت دراسة حديثة لبرامج المنح في كندا أنه عندما يتم تدريب الحكام على الاعتراف بالتمييز بين الجنسين، تساهم النتائج المالية في التوازن الطبيعي. ويمكن أن يكون لإطلاق جهود تدريبية مماثلة في بلدان أخرى أثرا عميقًا على كيفية منح المنح العلمية - وكم منها تُمنح للمرأة.

ومع ذلك، في حين أن التعديلات الفردية يمكن أن تكون مفيدة، يجب على المجتمع العلمي في العالم تجاوز الحلول المجزأة لمعالجة التحيز الجنساني بطريقة أكثر شمولية. ويجب على المؤسسات الأكاديمية ومراكز البحوث وأصحاب العمل المرتبطين بالعلوم الالتزام بتنويع قواعد توظيفهم وتحسين الجهود الرامية إلى الاعتراف بالتمييز والتصدي له. وعلاوة على ذلك، يمكن للمنظمات، من خلال تحسين الكفاءات الثقافية (القدرة على التعرف على التحيزات والاستجابة لها)، أن تهيئ بيئات عادلة وآمنة ماديًا وروحيًا واجتماعيًا وعاطفيًا لكل من المرأة والرجل على حد سواء.

وسيتطلب تحقيق المساواة بين الجنسين والتنوع والإدماج في مجال العلوم التعاون في العديد من القطاعات. وسوف يستغرق ذلك وقتًا طويلاً. ولكن، بعد مرور 150 عام على ولادة ماري كوري، من الواضح أن هذا التعاون طال انتظاره.

ولهذا في يوم 11 شباط/فبراير، مع احتفال العالم باليوم الدولي الثالث للمرأة والفتاة في مجال العلوم، يجب على العلماء من مختلف التخصصات، التفكير في مدى النجاح الذي حققته زميلاتهم النساء، وأن نتذكر أن الطريق أمامنا لا يزال طويلاً.

 

المصدر:

project-syndicate


عدد القراء: 5034

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-